السؤال
أنا عمري 14 سنة، سافرت وأهلي إلى أمريكا، وأمي غير محجبة، ولا تصلي، وأبي كذلك، والخمر شيء عادي، أما أنا فمختلف، فأنا منذ صغري أمشي على طريق السلف، ولكني تناقشت مع أبي - هداه الله - عدة مرات، وانتهى الأمر إلى أنه سوف يغضب عليّ، ولن يرضى عني حتى يوم القيامة إذا ظللت في طريقي، فهو يقول لي: إن السنة كلها غير صحيحة، وإن الصحيح هو القرآن فقط، وما يوافقه من السنة - أي: أحكام الصلاة، وما يتعلق بالأولاد الصغار - وهو يجبرني على مصافحة الأجنبيات، ولبس ما يبين الفخذ، وقد بدأت الآن تنمو لي لحية، وأخاف أن يأمرني بحلقها، فماذا أفعل؟ أفيدوني - جزاكم الله خيرًا – فأنا أحب أن أصبح عالم دين عندما أكبر، وهل أنا من المجاهرين بالذنب، أو العاقين؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يجزيك خيرًا على حرصك على الاستقامة على طاعة ربك، ونسأله أن يعينك، ويزيدك هدى وتقى وصلاحًا، وأن يحقق بغيتك في أن تصبح عالمًا من علماء المسلمين، تعمل على نصرة ونشر العلم والدين.
ومن أولى ما نوصيك به تعلم العلم النافع من العلماء الثقات، وفي قسم الصوتيات في موقعنا هذا جملة من هؤلاء العلماء الذين يمكنك أن تستفيد من علمهم، واحرص على الاستقامة، سالكًا فيها مسلك الاعتدال، بلا غلو، أو جفاء، فدين الله وسط، ومنهجه منهج الاعتدال، وابحث عن أخيار يذكرونك إذا نسيت، ويعينونك إذا ذكرت، ولمزيد الفائدة والتوجيهات راجع الفتاوى: 1208- 16610- 12744- 21743.
وأما أبوك وأمك، فإن كانا على ما ذكرت من إتيان الكبائر والمنكرات، وخاصة التفريط في الصلوات، فإنهما على خطر، وعاملين على ما فيه سخط رب الخلق والبشر، فهما في ظلمات بعضها فوق بعض، قد يخسران دنياهما وآخرتهما، إن لم تتداركهما رحمة رب العالمين، وسعيك في إصلاحهما من أعظم البر بهما، والإحسان إليهما، وذلك بالدعاء لهما، وتوجيههما بالحسنى، والأولى أن يكون التوجيه ممن ترجو أن يكون قوله مقبولًا عندهما.
وإذا بلغ المسلم سن التكليف، فإنه مؤاخذ بتصرفاته، فلا يجوز له أن يطيع أحدًا في معصية الله تعالى، ومن ذلك حلق اللحية، فإن حلقها محرم؛ وذلك لا ينافي بر الوالدين، وليس مقتضيًا للوقوع في عقوقهما، روى البخاري ومسلم، واللفظ للبخاري، عن علي - رضي الله عنه - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا طاعة في المعصية، إنما الطاعة في المعروف. وراجع الفتاوى: 26889- 1025- 136124- 2711.
وننبه إلى أن من المنكر العظيم القول بأن السنة كلها غير صحيحة، فهذه مجازفة خطيرة تتضمن إنكار السنة، وزعم الاحتجاج بالقرآن فقط، وقد سبق بيان خطأ هذا الفكر المنحرف، وانظر الفتويين: 31742- 4588.
والله أعلم.