السؤال
إن الله لا يستحيي من الحق.
ما معنى هذه الآية الكريمة؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلعل السائل الكريم يقصد قول الله تعالى: "..والله لا يستحيي من الحق" وهو جزء من الآية: 53 من سورة الأحزاب، وبدايتها قول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ {الأحزاب:53}.
ومعنى المقطع المذكور من الآية الكريمة كما قال البغوي: أَيْ: لَا يَتْرُكُ تَأْدِيبَكُمْ، وَبَيَانَ الْحَقِّ حَيَاءً. اهـ.
وقال السعدي: {واللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ} فالأمر الشرعي، ولو كان يتوهم أن في تركه أدبا وحياء، فإن الحزم كل الحزم اتباع الأمر الشرعي، وأن ما خالفه ليس من الأدب في شيء. والله تعالى لا يستحي أن يأمركم، بما فيه الخير لكم، والرفق لرسوله كائنًا ما كان. اهـ.
والآية تعلم الصحابة، والمسلمين من بعدهم الأدب الرفيع في الزيارة، ودخول بيوت النبي صلى الله عليه وسلم.
وسبب نزولها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما تزوج زينب بنت جحش دعا الناس للوليمة، فلما انتهوا من الأكل انصرفوا وبقي ثلاثة رهط يتحدثون في البيت، وكان النبي صلّى الله عليه وسلّم حيياً كريماً، حتى إنه إذا أراد أن يتفرغ لأهله في يوم زواجه، فإنه صلى الله عليه وسلم لا يطلب من جلسائه الانصراف أدبا معهم، وحياءً منهم إلى أن يكونوا هم المنصرفين.
فأنزل الله تعالى الآية يبين الله للمؤمنين ما يجب عليهم من أدب تجاه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبان خلقاً عظيماً من أخلاقه صلى الله عليه وسلم، وهو: خلق الحياء، حيث يستحي أن يجرح مشاعر جلسائه، ولو صدر منهم ما يؤذيه. ملخصا من كلام أهل التفسير.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني