السؤال
أنا - والحمد لله - أجاهد نفسي على أداء الطاعات، واجتناب النواهي، ولكني كثيرًا ما أضعف أمام مغريات الدنيا، رغم أني شاب ملتح، يحترمني كثير من الناس - والحمد لله – وقد أفدت الكثير منهم، وغالبًا ما أنصحهم بفعل الأمور كما وردت في القرآن والسنة، وكثيرًا ما أستفيد من موقعكم هذا -بارك الله فيه، وفي القائمين عليه - ولكني أجد نفسي كثيرًا ما أتخاذل في التطبيق، فأحاول أن أخفي عن الناس تقاعسي هذا؛ مخافة أن تتغير نظرة الناس إليّ، ونظرتهم إلى الملتحين عمومًا، فأجد نفسي كمن يداوي الناس وهو عليل، وتوسوس لي نفسي أني أحاول فعل هذا مراءاة للناس - والعياذ بالله - فأرشدوني - أرشدكم الله - وادعوا لي - جزاكم الله خيرًا -.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فشأن المؤمن أن يجتهد في فعل الخيرات، وترك المنكرات، ودعوة الناس إلى ذلك، وترغيبهم فيه؛ يبتغي بذلك مرضاة الله تعالى، سواء في عمله هو، أم في دعوة غيره، ولا يسعه أن يقصر في العمل، ولا أن يفسد نيته بمراءاة الناس، ولا أن يترك أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر، وراجع في ذلك الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 9329، 18468، 26549، 118790.
فجاهد نفسك ـ وفقك الله، وسددك ـ في تحصيل الاستقامة ظاهرًا وباطنًا، بملازمة التقوى، وصلاح النية، واجمع إلى ذلك: النصح للناس، ودعوتهم إلى الخير؛ فبهذا ينجو من الخسران، الذي أقسم الله عليه في قوله: وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3) {العصر}. قال السعدي: عمم الله الخسار لكل إنسان، إلا من اتصف بأربع صفات: ـ الإيمان بما أمر الله بالإيمان به، ولا يكون الإيمان بدون العلم، فهو فرع عنه لا يتم إلا به.
ـ والعمل الصالح، وهذا شامل لأفعال الخير كلها، الظاهرة، والباطنة، المتعلقة بحق الله، وحق عباده، الواجبة، والمستحبة.
ـ والتواصي بالحق، الذي هو الإيمان، والعمل الصالح، أي: يوصي بعضهم بعضًا بذلك، ويحثه عليه، ويرغبه فيه.
ـ والتواصي بالصبر على طاعة الله، وعن معصية الله، وعلى أقدار الله المؤلمة.
فبالأمرين الأولين، يكمل الإنسان نفسه، وبالأمرين الأخيرين يكمل غيره، وبتكميل الأمور الأربعة، يكون الإنسان قد سلم من الخسار، وفاز بالربح العظيم. اهـ.
وراجع في موضوع السؤال الفتوى رقم: 111852 للأهمية، ولمزيد الفائدة عن حقيقة الإخلاص وبواعثه وثمراته، وحقيقة الرياء وآثاره وكيفية علاجه، راجع الفتويين: 10396، 134994.
ونسأل الله تعالى أن يغفر لك ذنبك، وأن يلهمك رشدك، وأن يقيك شر نفسك.
والله أعلم.