السؤال
هل يمكن أن أبيع ذهبي لخدمة المجاهدين، أو فقراء المسلمين دون علم أبي وأمي؟ لأن الآباء ينظرون إلى هذه الأشياء نظرة دنيوية، وأنه لابد أن يكون معي بعض الذهب، وأنا لا أحتاجه، ولا ألبسه، وهناك من يحتاج مالَه جدًّا، مع العلم أن أختي عندما تزوجت أخذت كل ذهبها معها، وهو ملكها، فهل أعتبره ملكي أيضًا؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يشترط لثبوت هبة الذهب أو غيره أن تقع بصريح اللفظ، وإنما تثبت كذلك بالقرائن الدالة على ذلك، فالهبة كما تصح بالألفاظ، فإنها أيضا تصح بالمعاطاة: لأن الهبة في حقيقتها عطية، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعطي ويعطى من غير ألفاظ. الموسوعة الفقهية.
ويشترط لانعقادها بالمعاطاة: أن تكون هذه المعاطاة دالة على الهبة... وإلا فقد يقال: إن الأصل بقاء ملكه، ولا تصح هذه الهبة. الشرح الممتع للعثيمين بتصرف.
وعلى ذلك، فإن كان والداك قد وهبا لك هذا الذهب صراحة، أو دلت القرائن على ذلك، فإن لك الحق في التصرف فيه طالما كنت بالغة رشيدة، ولا يشترط في ذلك علم الوالدين، ولا إذنهما.
أما إن شككت في نية والديك في ذلك: فلا يجوز لك التصرف فيه دون إذنهما؛ لأن الأصل بقاؤه على ملكهما حتى يثبت خلاف ذلك، وانظري الفتوى رقم: 228229.
والله تبارك وتعالى إذا علم من عبده صدق النية في التصدق لولا المانع، فإنه يتفضل عليه ويثيبه على نيته، فعن أبي كبشة الأنماري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مثل هذه الأمة مثل أربعة نفر: رجل آتاه الله مالًا وعلمًا فهو يعمل به في ماله، فينفقه في حقه، ورجل آتاه الله علمًا ولم يؤته مالًا فهو يقول: لو كان لي مثل ما لهذا عملت فيه مثل الذي يعمل، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فهما في الأجر سواء، ورجل آتاه الله مالًا ولم يؤته علمًا فهو يخبط فيه ينفقه في غير حقه، ورجل لم يؤته الله مالًا ولا علمًا فهو يقول: لو كان لي مال مثل هذا عملت فيه مثل الذي يعمل، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فهما في الوزر سواء. رواه أحمد، وابن ماجه، وصححه الألباني.
وشكر الله لك اهتمامك بأمور المسلمين.
والله أعلم.