الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يتحمل المظلمة من كان على علاقة بفتاة وكذب عليها بنيته الزواج منها وتركها

السؤال

لقد أرسلت هذا السؤال، وتم نقلي لفتاوى أخرى، أرجو الرد على موضوعي بالدلائل من القرآن والسنة والقواعد الفقهية، وفقكم الله.
إني تركت فتاة كنا في علاقة حب محرمة ( كلام فقط في الموبيل وقابلتها عدة مرات ) ولكنني تركتها قبل أن أتوب إلى الله، أعني لم أتركها من أجل التوبة إلى الله من هذا الذنب ولكني ( تحججت لها برفض أهلي وهذا غير صحيح ) وكانت هي تحب هذه الأوقات وراضية بها؛ لأنها كانت نيتها أنه يحدث الزواج بيننا، وكانت تحبني كثيرا، وكانت نيتي أنا التسلية ولا أفكر بالزواج بها، لكن كلامي غير ذلك، فكنت أبين لها أني أريد الزواج منها، فهل أنا أخطأت بحقها بجانب حق الله؟ ( خصوصا أني لم أتركها وقتها من أجل الله ) ولكن بعدها أصبحنا أصدقاء، وعندما تبت من الكثير من المعاصي تركت هذه الصداقة من أجل الله، وتبت من هذه العلاقة المحرمة، فأما حق الله فأنا تبت من ذلك، ولكنني أخاف أن تكون لها مظلمة؟
هل ما توجد هي فيه من حزن وعناء طوال حياتها هو وزرها بسبب الحب والعشق الحرام الذي وضعت نفسها فيه؟ أم أتحمل أنا أيضا جزءا منه (مظلمة) أنا أتحملها يوم القيامة وتأخذ من حسناتي؟ لذلك سألت هل المظلمة بقدرها أم بنتائجها؟
تأتيني وساوس قهرية بأني لن أدخل الجنة بسبب كبر هذه المظلمة ( إن كانت مظلمة فعلا ) حيث تأتي يوم القيامة وتأخذ كل ما يوجد لدي من حسنات فماذا أفعل؟
لقد اعتذرت لها وطلبت منها أن تسامحني على ما فات جميعا، وأخبرتها أني في بعض الأوقات كنت أكذب عليها ( ولكنني لم أستحضر في هذا الوقت نية أي مظلمة معينة لها كالتسلية بها مثلا ) وأيضا لم أخبرها بأني كنت أتسلى ولم أكن أنوي الزواج بها، وهي قالت لي مسامحة إياك ( دون أن تعرف هي بعض الأشياء ودون أن أستحضر نية وقت أي مظلمة لها) فهل أنا تبرأت من هذه المظلمة ( إن كانت مظلمة فعلا ) ؟؟
ومعذرة للإطالة، وأرجو التوضيح كاملا بالأدلة قدر الإمكان ( قرآن أو سنة أو قواعد فقهية للتوضيح )لأن هذا الموضوع يؤثر علي بالسلب في حياتي وذو أهمية كبرى لي، وأريد أن أتفهم الأمر جيدا. وفقكم الله.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فههنا أمران كل منهما مستقل عن الآخر، الأول منهما : هذه العلاقة التي كانت بينك وبين هذه الفتاة ، وما كان يجري بينك وبينها من محادثات ولقاءات ، فهذا كله من الذرائع التي سد الله بابها وحرمها لكونها وسيلة إلى الفتنة والفاحشة ، قال تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ {النور:21}، وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « كتب على ابن آدم نصيبه من الزنى مدرك ذلك لا محالة، فالعينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرجل زناها الخطا، والقلب يهوى ويتمنى، ويصدق ذلك الفرج ويكذبه ». وقد أحسنت بتركك لها أولا ، ثم جعل الأمر توبة نصوحا. ولست بظالم لها بقطع العلاقة معها.

والثاني: كذبك عليها وإيهامك لها بأنك تريد الزواج منها ، والكذب محرم وكبيرة من كبائر الذنوب تجب التوبة منه أيضا، وادع لها بخير. وقد أحسنت باستسماحك لها ، ويكفي استسماحك لها عموما من غير تعيين أمر معين ، وما دامت قد سامحتك فاصرف النظر عن التفكير في هذا الأمر، وادفع عن نفسك هذه الخواطر والوساوس لئلا يترتب عليها ما لا تحمد عقباه. وانظر الفتوى رقم: 76471. وبالإضافة إلى ما نبهناك عليه من مدافعة الوساوس والإعراض عنها استعذ بالله عند ورودها، واحرص على ذكر الله وتلاوة القرآن والرقية الشرعية ، ولمزيد الفائدة راجع الفتوى رقم: 3086.

ولا شك في أنها جنت على نفسها حين طاوعتك في أمر هذه العلاقة ، فلا تعتبر ظالما لها بما وقعت فيه من حب وعشق ، والمطاوعة من عدمها لها اعتبارها في الأحكام، ومع ذلك فكل شيء يجري بقدر الله تعالى.

وإذا كانت هذه الفتاة مقبولة في دينها في الجملة بمعنى أنها محافظة على الفرائض وخاصة الصلاة وتجتنب الكبائر ، وأمكنك الزواج منها فافعل ، فمن أدوية العشق الزواج كما هو مبين في الفتوى رقم: 9360.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني