السؤال
ما الفرق بين الدين والمعاصي؟ لأن الدين يبقى مستمرا ولا يتغير، ونحن نطبقه بشكل يومي، أما المعاصي مثل الأغاني والأشياء الأخرى كالقنوات الفضائية فهي لا بد من محاربتها ومحاربة أصحاب تلك القنوات الفضائية. فما ينشر من الأفلام الماجنة وأغاني والفسوق وكل يوم ونحن نعصي الله. أفلا يدركون أن هذه محرمات تغضب الرب، وربما تفتح علينا باب الزنا؟ عجبا لهم كل مرة أسمع بالراديو مثل هذه النصائح من أحد المشايخ ينصح بعدم النظر إلى المحرمات والكاسيات العاريات، والسماع إلى الأغاني. ألا يدرك صاحب تلك القنوات أنها تحرك الشهوة في الإنسان، وربما تزيد من ذنوبنا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمراد بالسؤال ليس بواضح ، لكن لا ريب في أن القنوات الهابطة قد أفسدت في مجتمعات المسلمين إفسادا عظيما ، وأصحابها على خطر كبير إن لم يتداركهم الله بتوبة ، ومن أخسر الناس صفقة من لم يكتف بذنوبه ، حتى أضاف عليها أوزار غيره ، والواجب على المسلم أن ينكر تلك القنوات بقلبه ، وبما يقدر عليه بعد ذلك ، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها ، وليحمد الله المسلم كذلك أن عافاه، ولم يجعله مضلا للناس مثل أصحاب تلك القنوات .
والمسلم متى ما اتقى الله فلا يضره ضلال الضالين وانحرافهم ، كما قال تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ {المائدة:105}.
قال ابن جرير : وأولى هذه الأقوال وأصحّ التأويلات عندنا بتأويل هذه الآية، ما روي عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه فيها، وهو: " يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم"، الزموا العملَ بطاعة الله وبما أمركم به، وانتهوا عما نهاكم الله عنه "لا يضركم من ضل إذا اهتديتم"، يقول: فإنه لا يضركم ضلال من ضل إذا أنتم لزمتم العمل بطاعة الله، وأدَّيتم فيمن ضل من الناس ما ألزمكم الله به فيه، من فرض الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي يركبه أو يحاول ركوبه، ولا ضير عليكم في تماديه في غيِّه وضلاله، إذا أنتم اهتديتم وأديتم حق الله تعالى ذكره فيه .اهـ.
ولا شك أن الدين سليم كامل، والمعاصي والتقصير إنما يقع من الأفراد ، وباب التوبة مفتوح، ويتوب الله على من تاب.
والله أعلم.