السؤال
ورد في سبب نزول قوله تعالى: ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ ..) عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمكث عند زينب بنت جحش فيشرب عندها عسلًا، قالت: فتواطأت أنا وحفصة أن أيتنا ما دخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فلتقل: إني أجد منك ريح مغافير؟ فهل يدخل قولها ريح مغافير في حكم الكذب؟ وهل يجوز أن أسال أنا عن مثل هذه الأمور؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن به شيء من الروائح.
وأما عن كلام أم المومنين - رضي الله عنها - فالأصل هو حسن الظن بأمهات المؤمنين، وقد حمل بعض أهل العلم كلامها على أنها أرادت السؤال، ولم ترد صريح الكذب، كما قال ابن حجر في الفتح: قال ابن المنير: إنما ساغ لهن أن يقلن: "أكلت مغافير؟" لأنهن أوردنه على طريق الاستفهام؛ بدليل جوابه بقوله: "لا" وأردن بذلك التعريض لا صريح الكذب، فهذا وجه الاحتيال التي قالت عائشة: "لنحتالن له" ولو كان كذبًا محضًا لم يسم حيلة إذ لا شبهة لصاحبه. اهـ.
واعتذر بعضهم عن عائشة بصغر سنها وقتئذ، وعدم تعمدها الأذى هي وحفصة، ففي عمدة القاري للعيني - رحمه الله - قال: فإن قلت: كيف جاز لعائشة وحفصة الكذب والمواطأة التي فيها إيذاء رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
قلت: كانت عائشة صغيرة، مع أنها وقعت منهما من غير قصد الإيذاء، بل على ما هو من جبلة النساء في الغيرة على الضرائر، ونحوها. انتهى.
ولعل الأقرب ما قاله ابن المنير.
والله أعلم.