السؤال
قال الله تعالى: (قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ * قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ)
والسؤال: كيف يكون سليمان نبيًا، وفي زمانه رجل أعلم منه؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف المفسرون اختلافاً كبيراً في الذي عنده علم الكتاب، من هو؟ فقال جمهورهم: إنه آصف بن برخيا، وهو من بني إسرائيل، كان وزيراً لسليمان -عليه السلام-، وكان يعلم اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب.
وقيل هو: سليمان نفسه، لما قال له العفريت: قَالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ [النمل:39]. كأن سليمان استبطأ ذلك، فقال له على جهة تحقيره: أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُك [النمل:40]. واستدل القائلون بهذا، بقول سليمان: قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي [النمل:40]. قال القرطبي: وهو قول حسن إن شاء الله تعالى. وقيل هو جبريل عليه السلام، وقيل غير ذلك.
وليس في الكتاب والسنة ما يبين حقيقة هذا المعلم، ولا الطريقة التي أحضر بها عرش بلقيس.
وعلى فرض أنه رجل من بني إسرائيل علم اسم الله الأعظم، فهذه كرامة له، وهي معجزة لنبيه سليمان -عليه السلام-، تدل على صدقه، وأنه رسول الله.
وكونه أعلم من سليمان في هذا الباب لا يضر، فإن الله تعالى أوحى إلى موسى أنه يوجد من هو أعلم منه، ودله على الخضر، وهو نبي في قول بعض العلماء، وولي في قول آخرين.
وقد عد شيخ الإسلام ابن تيمية ما جرى على يد هذا المعلم من المعجزات التي لغير الأنبياء، من باب الكشف والعلم (مجموع الفتاوى: 11/ 318).
والله أعلم.