السؤال
أولاً: هل اسم "شريف" يعتبر من الأسماء المكروهة (باعتبار أن فيه تزكية لصاحبه)؟ فقد وجدت في معجم المعاني الجامع، معنى شريف: "نبيل، عالي المنزلة، سامي المكانة، رفيع الدّرجة" وكذلك من معانيه "ذو أخلاق حميدة، لا يعمل المنكرات" وأرى في ذلك تزكية واضحة لعبد ذليل من عباد الله تعالى، وخصوصاً أن من معانيه السلامة من المنكرات، وليس المرء بمعصوم منها، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
ثانياً: إذا كان هذا الاسم مكروهاً. فهل تنصحون بتغييره؟
ثالثاً: ما الأفضل اسم محمد وأحمد، أم عبد الله، وعبد الرحمن؟
رابعاً: إذا عارض الوالدان تغيير الابن لاسمه، وكان اسم الابن مكروهاً لا محرماً. فهل تجوز للابن مخالفة والديه في ذلك، وتغيير اسمه؟ وهل ذلك من العقوق؟
جزاكم الله تعالى خيراً.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا يعتبر اسم (شريف) من الأسماء المكروهة باعتبار أن فيه تزكية لصاحبه، بل هو من الأسماء الجائزة، وذلك أن هذا الاسم لا يلاحظ، ولا يرى فيه معنى التزكية كاسم صالح، بخلاف الأسماء التي يلاحظ فيها عند التسمية، ويُرى فيها معنى التزكية كاسم برة.
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين في اللقاء الشهري عن حكم التسمي بناجي، ومعتق ونحوهما مما فيه معنى التزكية، وناصر وغيرها من الأسماء؟
فأجاب رحمه الله: الأسماء التي تدل على التزكية تارة يتسمى بها الإنسان لمجرد كونها علماً، فهذه لا بأس بها، وتارة يتسمى بها مرائياً بذلك المعنى الذي تدل عليه؛ فهذا يؤمر بتغيير اسمه. فمثلاً ناصر: أكثر الذين يسمون بناصر لا يريدون أنه ينصر الناس، إنما يريدون أن يكون علماً محضاً فقط. الذي يسمى خالداً: هل يريد أن ولده يخلد إلى يوم القيامة؟ لا. الذي يسمى صالحاً هل أراد أنه سمى صالحاً لصلاحه؟ لكن إذا لوحظ في ذلك معنى التزكية فإنه يغير، ولهذا غير النبي صلى الله عليه وسلم اسم برة إلى زينب، وامرأة أخرى اسمها برة غيرها إلى جويرية، فهذا الميزان: إذا لوحظ فيه معنى التزكية يغير، وإذا لم يلاحظ فيه معنى التزكية فإنه لا يغير. انتهى.
وقد ذكر الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد -رحمه الله- في تسمية المولود اسم (شريف) في الدليل الذي ذكره للأسماء المنتقاة (عبر الضوابط الشرعية واللغوية في اللفظ والمعنى)، وهذا يعني عنده أنه ليس من الأسماء التي فيها تزكية للنفس.
ومما سبق يعلم جواب السؤال الثاني، وذلك أن اسم (شريف) لا يكره التسمي به.
وأما جواب السؤال الثالث: فالأفضل اسم عبد الله، وعبد الرحمن؛ لما رواه مسلم في صحيحه عن ابن عُمَرَ- رضي الله عنهما- قال: قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ أَحَبَّ أَسْمَائِكُمْ إلى اللَّهِ: عبد اللَّهِ، وَعَبْدُ الرحمن.
قال النووي في شرح مسلم: فيه – أي الحديث - التسمية بهذين الاسمين، وتفضيلهما على سائر ما يسمى به . انتهى.
وهذا لا يعني أن اسم محمد وأحمد ليس لهما فضل على أكثر الأسماء؛ إذ هما من أسماء نبينا صلى الله عليه وسلم.
وأما جواب السؤال الرابع: فإذا كان الاسم مكروها غير محرم، فلا يجوز مخالفة الابن أمر والديه إلا إذا رضيا بذلك.
فقد جاء في الفتاوى الكبرى لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وَيَلْزَمُ الْإِنْسَانَ طَاعَةُ وَالِدِيهِ فِي غَيْرِ الْمَعْصِيَةِ وَإِنْ كَانَا فَاسِقَيْنِ، وَهُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ أَحْمَدَ، وَهَذَا فِيمَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ لَهُمَا وَلَا ضَرَرَ، فَإِنْ شَقَّ عَلَيْهِ وَلَمْ يَضُرَّهُ وَجَبَ، وَإِلَّا فَلَا. انتهى.
فتجب طاعتهما بعدم تغيير الاسم المكروه، إلا إذا كان في ذلك ضرر على الابن كأن يعير به، وإذا وجبت طاعتهما، فإن معصيتهما تكون من العقوق.
والله أعلم.