السؤال
تزوجت زوجي وقد كنت أحبه، ووقفت أمام أسرتي لأتزوجه، ومرت بنا مشاكل كثيرة، وكنت دائمًا الطرف الذي يشتري؛ لأنني أحبه، وكان هو الطرف الذي يبيع، إلى أن انفصلنا بسبب والدته وأنا حامل بأول طفل لي لمدة 14 شهرًا, وطوال هذه المدة لم ينفق عليّ، ولا على الطفل، وتمر الأيام وأصبر لأنني أحبه، وخلال سنوات زواجي كان لا يعطيني حقوقي في المعاشرة الزوجية، وأنا أتمتع بصحة جيدة، وصغيرة في السن، وكنت أصبر وأحتسب الأجر عند الله، وقبل سنتين اكتشفت أنه على علاقة بامرأة أخرى بعد أن لم يعاشرني أربعة أشهر، ووقتها قررت أن أكرهه، وفعلًا لم أصبح أحبه، وهو لا ينفق عليّ، وأنا ملتزمة طوال مراحل حياتي، ولكنني بعد هذا الموقف أصبحت أنظر إلى الرجال نظرة محرمة، ولا أستطيع أن أمنع نفسي، وقررت الطلاق، ولكنه حاول بكل الطرق أن يسترضيني، ويقول لي: إنه سيتغير، وعندي طفلان، ولا أشعر معه الآن بالأمان، ولا الحب، ولو بقيت على هذا الزواج فسيكون من أجل الأطفال فقط، ويكاد يكون من المستحيل داخليًا أن أتصور أنني سأعاشره مرة أخرى، كما أتخيل الرجال يحتضنونني ليس بشهوة، ولكن بحنان، فأنا أفتقد الحنان والحماية، ولا أدري ماذا أفعل؟ وأخاف من غضب الله، وإلى الآن وأنا ملتزمة ـ ولله الحمد ـ ولا أعرف ماذا سيحدث غدًا؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الأمر على ما ذكرت، فإن زوجك مسيء من عدة وجوه:
الوجه الأول: تفريطه في حقك بعدم الإنفاق، والمعاشرة، وكلا الأمرين من حقك عليه، وراجعي الفتوى رقم: 27662.
الوجه الثاني: تفريطه في النفقة على ولده، وهو بهذا تارك لواجب، وراجعي في نفقة الأولاد الفتوى رقم: 18329.
فهو بهذا مفرط، وآثم في الوجهين، وقد ثبت في مسند أحمد، وسنن أبي داود عن عبد الله بن عمرو ـ رضي الله عنهما ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كفى بالمرء إثمًا أن يضيع من يقوت.
وحاجة المرأة إلى الوطء أعظم من حاجتها إلى الطعام والشراب.
الوجه الثالث: كونه على علاقة بامرأة أجنبية عنه، وهذا أمر منكر، وهو أشد قبحًا حين يصدر من رجل أعطاه الله زوجة صالحة، يمكن أن يعف بها نفسه، فيذهب يبحث عن الخبث، وانظري الفتوى رقم: 30003.
فالذي نرشدك إليه أن تبذلي له النصح، وتبيني له ما يجب عليه، وما يحرم في ضوء ما ذكرنا، وليكن ذلك بالرفق، واللين، مع الدعاء له أن يصلح الله شأنه، ويهديه لأرشد أمره، وإن اقتضى الحال توسيط أهل الفضل، والخير، والعقلاء من أهلك وأهله فافعلي، فإن صلح حاله فذاك، وإلا فمن حقك طلب الطلاق، وإن رأيت الصبر عليه فلا بأس، واستحضري فضل العفو والصفح، ولا يحملنك ما رأيت منه على اليأس من محبتك له، فإنه إن صلح حاله رُجي أن تعود الأمور كما كانت، أو أفضل، ويجب عليك الحذر من أن يستدرجك الشيطان إلى البحث عن ملء الفراغ العاطفي عند غيره، فقد يؤدي بك ذلك إلى الوقوع فيما لا تحمد عقباه من الفاحشة، ونحوها، فتخسرين دينك ودنياك، وإن رأيت من نفسك ضعفًا ووقوعًا في الحرج، وخشية على دينك أن يرق، وعرضك أن ينتهك، فطلبك الطلاق هو الأفضل في هذه الحالة؛ حتى يتيسر لك الزواج من غيره، والأولاد يحفظهم الله، قال ابن قدامة في المغني: فإنه ربما فسدت الحال بين الزوجين، فيصير بقاء النكاح مفسدة محضة، وضررًا مجردًا، بإلزام الزوج النفقة، والسكنى، وحبس المرأة مع سوء العشرة، والخصومة الدائمة من غير فائدة، فاقتضى ذلك شرع ما يزيل النكاح، لتزول المفسدة الحاصلة منه. اهـ.
وننبه إلى أن للزوجة الرجوع على زوجها بما أنفقت على نفسها، وكذلك الرجوع عليه بما أنفقت على أولادها إن لم تنفق عليهم متبرعة، وتراجع الفتوى رقم: 34771.
والله أعلم.