السؤال
ساعدوني، والله إني تعبت، أنا إنسانة تعبانة جدا من مشاكلي.
أتمنى من الله أن يحقق لي ما أريد، لكن أستحي من أن أشتكي له؛ لأني أسمع الأغاني، وأفعل العادة السرية، وصلاتي أؤخرها، أو لا أصلي. وتعبت، كلما تبت، أعود. واستحيت من الله، وأريد أن تحل مشاكلي، وليس لي إلا الله، هو الذي يحقق لي ذلك. أشعر أن في غرورا، لا أريد أن أتذلل لله. لا أدري لماذا! وهذا أتعبني أكثر، أشعر أني عندما أشتكي لله، أشعر أني أريده للمصلحة. لا أدري كيف؟ أتمنى أن أترك العادة، والأغاني، وأنظم صلاتي.
أرجوكم ساعدوني.
أنا أموت، وأكتم في نفسي، ولا يوجد أحد يفهمني بشكل جدي.
بيتنا كله مشاكل، وأريد من الله أن يحقق لي مبتغاي. أعلم أن ربي غفور رحيم. لكن إلى متى وأنا أعصيه، وفي الأخير أشتكي له ليحل مشاكلي! كيف أعصيه، وأريد أن يحقق لي ما أريد! بالله عليكم ساعدوني لأترك هذه الأشياء.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله سبحانه أن يفرج همك، وينفس كربك، وييسر أمرك.
وتذكري دائما أن لا ملج، ولا منجا من الله إلا إليه، وكان من دعائه عليه الصلاة والسلام: اللهم أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك، لا أحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك. رواه مسلم وغيره.
قَالَ الْإِمَام أَبُو سُلَيْمَان الْخَطَّابِيّ- رَحِمَهُ اللَّه تَعَالَى-: فِي هَذَا مَعْنَى لَطِيف; وَذَلِكَ أَنَّهُ اِسْتَعَاذَ بِاَللَّهِ تَعَالَى، وَسَأَلَهُ أَنْ يُجِيرهُ بِرِضَاهُ مِنْ سَخَطه, وَبِمُعَافَاتِهِ مِنْ عُقُوبَته, وَالرِّضَاء، وَالسَّخَط ضِدَّانِ مُتَقَابِلَانِ. وَكَذَلِكَ الْمُعَافَاة وَالْعُقُوبَة، فَلَمَّا صَارَ إِلَى ذِكْر مَا لَا ضِدّ لَهُ وَهُوَ اللَّه سُبْحَانه وَتَعَالَى، اِسْتَعَاذَ بِهِ مِنْهُ، لَا غَيْر, وَمَعْنَاهُ الِاسْتِغْفَار مِنْ التَّقْصِير فِي بُلُوغ الْوَاجِب مِنْ حَقِّ عِبَادَته، وَالثَّنَاء عَلَيْهِ. شرح النووي على صحيح مسلم.
وتذكري قول الشافعي رحمه الله تعالى:
فلما قسا قلبي، وضاقت مذاهبي جعلت الرجا مني لعفوك سُلماً
تعاظمني ذنبي، فلما قرنته بعفوك ربي كان عفوك أعظماً
فما زلت ذا جود وفضل ومنة تجود وتعفو منة وتكرماً
وقول القائل:
إن كان عفوك لا يرجوه ذو خطأ فمن يجود على العاصين بالكرم
وقول من قال:
إن كان لا يرجوك إلا محسن فمن الذي يرجو ويدعو المذنب
فلا يمنعنك تقصيرك في حق خالقك جل وعلا، وتكرر وقوعك في الذنوب بعد التوبة، أن تلجئي إليه سبحانه. وعليك بدعاء سيد الاستغفار، وهو كما جاء في صحيح البخاري عن شداد بن أوس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: سيد الاستغفار أن تقول: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، خلقتني، وأنا عبدك، وأنا على عهدك، ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك علي، وأبوء لك بذنبي، فاغفر لي؛ فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت. قال: ومن قالها من النهار موقنا بها، فمات من يومه قبل أن يمسي، فهو من أهل الجنة. ومن قالها من الليل وهو موقن بها، فمات قبل أن يصبح فهو من أهل الجنة.
وانظري الفتاوى أرقام: 219247، 215986، 130048، 78565 وإحالاتها.
كما نوصيك بالاستمرار في مجاهدة نفسك على ترك المعاصي عموما من تأخير للصلوات، ومن غناء، وعادة سيئة وغير ذلك.
وتذكري قول النبي عليه الصلاة والسلام: إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله الصلاة، فإن صلحت فقد أفلح، وأنجح. وإن فسدت، فقد خاب وخسر. رواه الترمذي والنسائي. وانظري الفتوى رقم: 221746 وما أحيل عليه فيها.
وراجعي بشأن الغناء الفتوى رقم: 20951 وإحالاتها.
وبخصوص العادة السيئة، فقد ذكرنا بعض الوسائل المعينة على تركها في الفتاوى أرقام: 76495، 7170، 164945، 225073، 110232، 65187، 194891وإحالاتها.
والله أعلم.