السؤال
إذا أمرني أحد والدي بفعل شيء، وهذا الفعل لا أدري أحلال أم حرام هو؟ فهل أطيعه في فعل هذا الأمر، أم أؤخره، وأنتظر حتى أسأل مفتيا عن الحكم الشرعي في هذا الأمر أم ماذا أفعل؟
إذا أمرني أحد والدي بفعل شيء، وهذا الفعل لا أدري أحلال أم حرام هو؟ فهل أطيعه في فعل هذا الأمر، أم أؤخره، وأنتظر حتى أسأل مفتيا عن الحكم الشرعي في هذا الأمر أم ماذا أفعل؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن طاعة الوالدين بالمعروف من آكد الواجبات، وأعظم القربات؛ فقد قرن الله حقهما بحقه سبحانه وتعالى في آيات كثيرة، منها قوله تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {الإسراء:23}.
وأكثر العلماء على وجوب طاعتهما في المشتبهات، كما سبق بيانه في الفتويين التالية أرقامهما: 145829، 108354
وأما طاعتهما فيما لا يدرى حكمه، أو يشك في حرمته؛ فمقتضى كلام أهل العلم أنها لا تجوز؛ لأن طاعتهما لا تكون واجبة إلا في المعروف، وقد نصوا على أنه لا يجوز للمكلف أن يقدم على فعل إلا بعد معرفة حكم الله تعالى فيه.
قال الأخضري في مختصره: ولا يحل له -يعني المكلف- أن يفعل فعلاً حتى يعلم حكم الله فيه، أو يسأل العلماء العاملين، ويقتدي بالمتبعين. اهـ.
وقال ابن عاشور في التحرير والتنوير عند تفسير قول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ {الحجرات:1}.
قال: وَهَذِهِ الْآيَةُ تُؤَيِّدُ قَوْلَ الْفُقَهَاءِ: إِنَّ الْمُكَلَّفَ لَا يُقْدِمُ عَلَى فِعْلٍ حَتَّى يَعْلَمَ حُكْمَ اللَّهِ فِيهِ، وَعَدَّ الْغَزَالِيُّ الْعِلْمَ بِحُكْمِ مَا يُقْدِمُ عَلَيْهِ الْمُكَلَّفُ، مِنْ قِسْمِ الْعُلُومِ الَّتِي هِيَ فَرْضٌ عَلَى الْأَعْيَانِ الَّذِينَ تُعْرَضُ لَهُمْ. اهـ.
وقال الجزائري: قول النبي صلى الله عليه وسلم: الحمد لله الذي وفق رسول، رسول الله، لما يرضي رسول الله، قال: هذا الحديث الجليل الذي رواه أحمد، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه -رحمهم الله أجمعين- استخرج منه علماء الشريعة- رحمهم الله تعالى- من سلف هذه الأمة القاعدة الآتية: " لا يحل لمؤمن القدوم على أمر حتى يعلم حكم الله فيه. اهـ.
وعلى ذلك، فإن عليك أن تتحرى فيما لا تعلم حكمه، ولا تفعله حتى تعلم حكم الله فيه، أو تسأل العلماء.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني