السؤال
أريد أن أعرف كل ما صح عن الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ في تفسير قوله تعالى: ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها.
أريد أن أعرف كل ما صح عن الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ في تفسير قوله تعالى: ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد قال الأستاذ الدكتور حكمت بشير الموصلي ـ أستاذ التفسير في كلية القرآن الكريم والدراسات العليا بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة ـ في كتابه: الصحيح المسبور من التفسير بالمأثور ـ عند قوله تعالى: ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها: أخرج الطبري بأسانيد صحيحة عن عبد الله بن مسعود أنه قال: ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها ـ قال: هي الثياب، وأخرجه الحاكم، وصححه، ووافقه الذهبي، وأخرجه الطبراني، قال الهيثمي: رواه الطبراني بأسانيد مطولاً ومختصراً، ورجال أحدها رجال الصحيح.
ـ أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله: ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها ـ قال: والزينة الظاهرة: الوجه، وكحل العين، وخضاب الكف، والخاتم، فهذه تظهر في بيتها لمن دخل من الناس عليها ـ هكذا تمام كلام ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ ولكن كثيرًا من العلماء ينقلون عنه الشق الأول فما نسب إلى ابن عباس بأن المراد من قوله تعالى: إلا ما ظهر منها ـ الوجه والكفان، ليس مطلقًا، وإنما هو مقيد في بيتها لمن دخل من الناس عليها، ومما يؤكد هذا تفسيره لقوله تعالى: يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورًا رحيمًا {الأحزاب: 59} فقد أخرج الطبري بسنده الحسن من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب، ويبدين عينًا واحدة ـ وانظر سورة الأحزاب آية: 58ـ فقد صح مثله عن عبيدة السلماني، وانظر الرواية التالية لابن عباس، وفيها أن الزينة التي تبديها لهؤلاء قرطاها، وقلادتها، وسواراها، والخلخال، والنحر، والشعر، فلا تبديه إلا لزوجها، ومع الأسف الشديد أن مسألة جواز كشف الوجه واليدين ينسبه العلماء لابن عباس على إطلاقه، فليحرر. اهـ.
وهناك آثار أخرى عن غير ابن مسعود، وابن عباس، ولكن تحتاج أسانيدها إلى دراسة، وقد ذكر السيوطي بعضها في الدر المنثور، فمنها ما أخرجه ابن المنذر عن أنس في قوله: ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها ـ قال: الكحل، والخاتم.
ومنها ما أخرجه ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر، والبيهقي في سننه، عن عائشة -رضي الله عنها-: أنها سئلت عن الزينة الظاهرة، فقالت: القلب، والفتخ ـ وضمت طرف كمها.
ومنها ما أخرج عبد الرزاق، وابن جرير، عن المسور بن مخرمة في قوله: إلا ما ظهر منها ـ قال: القلبين ـ يعني السوار ـ والخاتم، والكحل.
وقال الماوردي في النكت والعيون: الزينة زينتان: ظاهرة، وباطنة، فالظاهرة لا يجب سترها، ولا يحرم النظر إليها؛ لقوله تعالى: وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا ـ وفيها ثلاثة أقاويل:
أحدها: أنها الثياب، قاله ابن مسعود.
الثاني: الكحل، والخاتم، قاله ابن عباس، والمسور بن مخرمة.
الثالث: الوجه، والكفان، قاله الحسن، وابن جبير، وعطاء.
وأما الباطنة: فقال ابن مسعود: القرط، والقلادة، والدملج، والخلخال، واختلف في السوار، فروي عن عائشة أنه من الزينة الظاهرة، وقال غيرها هو من الباطنة، وهو أشبه لتجاوزه الكفين، فأما الخضاب: فإن كان في الكفين، فهو من الزينة الظاهرة، وإن كان في القدمين فهو من الباطنة، وهذا الزينة الباطنة يجب سترها عن الأجانب، ويحرم عليهم تعمد النظر إليها، فأما ذوو المحارم، فالزوج منهم يجوز له النظر، والالتذاذ، وغيره من الآباء، والأبناء، والإخوة يجوز لهم النظر، ويحرم عليهم الالتذاذ. اهـ.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني