السؤال
فضيلة الشيخ مرت علي مواقف أشك أنها كفر، أسأل الله الستر:
1- كنت في الماضي يذكرون لي جد النبي(صلى الله عليه وسلم ) (كلاب) فأقول (أم قطط) ظنا أنه ليس فيه إساءة للدين أو النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك، لا أدري أكان قبل البلوغ أم بعده والراجح أنه قبل البلوغ
2- سألني صديقي لماذا أعطاك الله عقلا؟ فقلت له (لكي ألعب به) فغضب مني فاستغربت وقلت في نفسي (أليس الإنسان يلعب باستخدام عقله فما المشكلة فيما أقول) ولم أظن أنه فيه استهزاء بالعقيدة، ولكن مع أن الزمن طال أظن أني كنت أقصد أن اللعب مما يستطيعه العقل
3- قبل الذهاب للعمرة أصابني رشاش نجاسة يسير، فاعتمرت مع ذلك، مع علمي أنه يجب إزالتها، ولكن قلت لنفسي (لا أدري تؤثر أم لا؛ لأنها بسيطة، ولكن غالبا ما تؤثر) ثم مضيت دون أن أسأل
4- ذات مرة أرهقتني المذاكرة فسببت القراءة أو قلت (تقززت من القراءة) مع عدم استحضاري أنها من الدين، وربما كنت أقصد المذاكرة الجامعية فقط، وليس كل القراءة بأنواعها
5- كنت أمزح مع أصدقائي فأوهمتهم وكأني كنت أريد القول(النقود ستبعث معي يوم القيامة) لأضحكهم، ولكني بعد ذلك فجأة انتبهت أن هذا القول مناف للعقيدة، وأنه لا يجوز فيه المزاح، فندمت بشدة. فهل أكفر على الرغم أني كنت غير منتبه لأن ما أقول مناف للشرع؟ أم أكون في حكم الناسي؟
6- إذا حدث لي أمر في الصلاة لا أدري هل يبطلها أم لا، فأؤخر السؤال لما بعد خروج وقتها أحيانا؛ لأني لا أجد مفتيا عن قريب.
7- مرة قرأت القرآن، فممرت على سورة فقلت لنفسي أنا لا أحب هذه السورة .
8- قلت لصديقي - هزلا مرة - أنت كفرت، ولم يخطر في بالي قبلها أن التكفير حرام أصلا.
9- صليت صلاة الميت من غير أن أعرف كيفيتها عدة مرات، ومن غير أن أسأل، وكنت أكسل عن السؤال، ولكن أصليها رجاء أن تكون مقبولة؟ مع أني أعلم أنها قد تكون غير صحيحة.
10- قال لي أحدهم:أنت تنسب لله الرجل! فقلت له: لا ننسبها له لأنها ما وردت، ثم علمت فيما بعد أن الساق المذكورة في الآية هي ساق الله.
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاتق الله فيما تتكلم به؛ فالكلام موقعه خطير، وقد يؤدي بالعبد إلى مهالك، وانظر الفتويين: 168473 ، 78502.
ومع هذا فالكلام المحتمل للكفر وغيره لا يُحمل على الكفر، جاء في حاشية ابن عابدين الحنفي: اعْلَمْ أَنَّهُ (لَا يُفْتَى بِكُفْرِ مُسْلِمٍ أَمْكَنَ حَمْلُ كَلَامِهِ عَلَى مَحْمَلٍ حَسَنٍ أَوْ كَانَ فِي كُفْرِهِ خِلَافٌ، وَلَوْ) كَانَ ذَلِكَ (رِوَايَةً ضَعِيفَةً) كَمَا حَرَّرَهُ فِي الْبَحْرِ، وَعَزَاهُ فِي الْأَشْبَاهِ إلَى الصُّغْرَى. وَفِي الدُّرَرِ وَغَيْرِهَا: إذَا كَانَ فِي الْمَسْأَلَةِ وُجُوهٌ تُوجِبُ الْكُفْرَ وَوَاحِدٌ يَمْنَعُهُ فَعَلَى الْمُفْتِي الْمَيْلُ لِمَا يَمْنَعُهُ، ثُمَّ لَوْ نِيَّتُهُ ذَلِكَ فَمُسَلَّمٌ وَإِلَّا لَمْ يَنْفَعْهُ حَمْلُ الْمُفْتِي عَلَى خِلَافِهِ. انتهى
ولم نر فيما ذكرت ما يُقطع معه بالكفر. فتب إلى الله، واستقم، وتجنب مثل هذه الألفاظ، ولا تتدخل في الحكم بتكفير نفسك ولا غيرك.
ونفيدك أن سؤالك يشير إلى نوع وسوسة، وأحسن العلاج أن تلهى عنها، وتنصرف إلى ما يفيدك، ومن رحمة الله أنه لا يؤاخذ بالخواطر، والوساوس؛ ولا تصير بها كافراً، ولا آثماً كما بينا بالفتوى رقم: 135798.
وما تكلمت به في نفسك، ولم تنطق به لا مؤاخذة به، كما بالفتوى رقم: 99234.
وأما بخصوص يسير النجاسة؛ فمن أهل العلم من قال بالعفو عن يسير النجاسات مطلقا، كما سبق في الفتوى رقم: 174267.
وإن كنت مصاباً بالوسوسة، فلا حرج عليك أن تأخذ بأسهل الأقوال وأرفقها بك، وليس هذا من تتبع الرخص المذموم، وانظر الفتويين رقم: 181305، ورقم: 134196.
وعليك تعلم أحكام ما يلزمك من العبادات، ولا تتكلم بلا علم في شيء من الشرع؛ قال تعالى: وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا. {سورة الإسراء: 36}. قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: وطلب العلم الشرعي فرض على الكفاية إلا فيما يتعين؛ مثل طلب كل واحد علم ما أمره الله به وما نهاه عنه؛ فإن هذا فرض على الأعيان. اهـ
ونسأل الله أن يعافيك من الوسوسة، وننصحك بملازمة الدعاء، والتضرع، وأن تلهى عن هذه الوساوس، ونوصيك بمراجعة طبيب نفسي ثقة، ويمكنك مراجعة قسم الاستشارات من موقعنا، وراجع الفتاوى أرقام: 3086، 51601، 147101، وتوابعها.
والله أعلم.