السؤال
توفيت والدتي - رحمة الله عليها - وأنا ابنتها الوحيدة، ولها أخوان رجال. كتبت لي والدتي رحمها الله بعض الأراضي الزراعية، واشترت لي شقتين، أما باقي الميراث من أراض وأموال سائلة وذهب فلم تكتب به شيئا. علما بأن كل هذا حدث قبل وفاتها بسنوات عديدة، وهي بكامل صحتها. فما حكم الشرع؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففي البداية نسأل الله تعالى الرحمة والمغفرة لوالدتك , ثم إذا كانت والدتك قد كتبت باسمك أرضا زراعية , وشقتين وأنت بالغة, وقمت بحيازة هذه الهبة بحيث صرت تتصرفين فيها تصرف المالك في ملكه , فتعتبر هذه الهبة نافذة , وتختصين بها دون بقية الورثة , وإذا كنت لم تحوزي تلك الهبة , فهي باطلة , وتكون من جملة التركة , فتقسم بين بقية الورثة , وراجعي في ذلك الفتوى رقم : 52603.
وإن كنت وقت الهبة صغيرة, وقامت أمك بحيازتها لك، فقد اختلف في صحة ذلك، فقال البعض إنها لا تصح، وذهب بعضهم إلى صحتها إذا كانت الأم وصية عليك.
جاء في مطالب أولي النهى للرحيباني الحنبلي: قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ فِي صَبِيٍّ وُهِبَتْ لَهُ هِبَةٌ، أَوْ تُصُدِّقَ عَلَيْهِ بِصَدَقَةٍ، فَقَبَضَتْ الْأُمُّ ذَلِكَ وَأَبُوهُ حَاضِرٌ فَقَالَ: لَا أَعْرِفُ لِلْأُمِّ قَبْضًا، وَلَا يَكُونُ إلَّا لِلْأَبِ. انتهى.
وفي النوادر لابن أبي زيد القيرواني المالكي: ومن كتاب ابن المواز قال ابن القاسم وأشهب في اليتيم: إن لم تكن الأم وصية فلا حيازة لها على الولد. والسلطان يحوز لهم، أو من يوليه. أو تخرجه الأم من يدها إلى يد غيرها، فيتم ذلك لهم. وإن كانت وصية جازت وصيتها عليهم. قالا: ولا تحوز الأم ولا غيرها صدقة نفسها على ابن، أو غيره، إلا أن تكون وصية من أب أو وصي. وكذلك روى أشهب عن مالك، وقال: إذا حازه وليهم جاز، تصدقت به الأم، أو أجنبي. قال ابن حبيب عن مطرف وابن الماجشون: حيازة الأم على اليتيم الصغير، حيازة فيما وهبته له، أو وهبه له أجنبي. وكذلك من ولي يتيما على الحسبة من الأجنبي، أو على وجه القرابة من القريب، فحيازته له جائزة، فيما وهبه له هو أو غيره. وإن كان إنما ابتدأ ولايته من يوم الصدقة فذلك باطل. وقاله ابن نافع وأصبغ. وأباه ابن القاسم فيهما إلا أن يكونا وصيين. انتهى.
وإذا كانت أمك لم تترك من الورثة إلا أخوين , فنصيبك من التركة النصف , والباقي يكون للأخوين إذا كانا شقيقين أو من جهة الأب , فإن كانا أخوين من جهة الأم , فلهما ثلث التركة.
لكنن ننبه السائلة إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.