السؤال
أنا شاب مسلم، ووطني ساحل العاج، كنت مؤذنا في مسجد، وبسبب ذلك رأت علي فتاة الصلاح والتمسك بالدين، فطلبت مني الزواج، فظللت أتردد في الأمر، وأخيرا وقعت في حبها فتقدمت إلى أبيها أطلب زواجها منه، فرفض لأسباب قبلية، ومن تلك الأسباب أنه قال نحن من بني فلان وأنتم من بني فلان، والزواج بيننا لا يمكن، وأنه إذا كانت في قريتهم مناسبة ما فلا يتاح لقبيلتي الذهاب هناك، وإن ذهبنا فعلينا الخروج منها قبل غروب الشمس. فأخذت أشخاصا محترمين لديه فرفض، ولا شك أن البنت أدرى بأبيها مني حيث سعت لإقناعه بالقبول بأن أخذت أناسا أيضا فرفض، فلما رأينا الرفض وخفنا على أنفسنا العنت تزوجنا دون علم الأب، فهل الزواج صحيح أم هو من الزنا؟ أعرف أن الأب رفض لأنني من الذين يقال لهم عندنا: الوهابيون - الذين على منهج السلف -.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليعلم أولا أنّ المرأة إذا رغبت في الزواج من كفئها فلا حق لوليها في منعها من التزوج به، فإن كنت كفؤا لتلك المرأة فليس من حق أبيها أن يمنعها من زواجك، وإلا كان عاضلا لها، ويجوز والحال هكذا رفع الأمر للقاضي الشرعي، وفي جواز انتقال الولاية للأبعد من الأولياء دون الرجوع للحاكم خلاف بين أهل العلم، قال ابن قدامة رحمه الله: إذا عضلها وليها الأقرب، انتقلت الولاية إلى الأبعد، نص عليه أحمد، وعنه رواية أخرى تنتقل إلى السلطان، وهو اختيار أبي بكر وذكر ذلك عن عثمان بن عفان ـ رضي الله عنه ـ وشريح، وبه قال الشافعي.
وقد سبق أن رجحنا القول بانتقال الولاية إلى الولي الأبعد دون السلطان، كما في الفتوى رقم: 32427.
وعليه، فإن كنت تزوجت المرأة دون ولي فزواجك باطل، لأن جماهير العلماء يشترطون الولي لصحة النكاح، وولي المرأة في النكاح أبوها ثم جدها، ثم ابنها، ثم أخوها الشقيق، ثم الأخ لأب، ثم أولادهم وإن سفلوا، ثم العمومة، فإن كان الأب فاقدا لأهلية الولاية، انتقلت الولاية إلى الأبعد من الأولياء على الترتيب السابق، فإن لم يكن للمرأة ولي صالح فيزوجها القاضي المسلم بإذنها، لقوله صلى الله عليه وسلم: فالسلطان وَلِي من لا وَلِي له.
والله أعلم.