الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم نشر صور الصغيرات باللباس القصير وهن بكامل زينتهن

السؤال

نتمنى أن تبينوا حكم نشر صور الصغيرات بمواقع التواصل، وهن بكامل زينتهن، وقد وضعن المساحيق، ولبسن القصير، ويُصورن بطريقة مبتذلة؟
وما حكم إنشاء استديو لتصوير الفتيات؟ وما حكم استخدام صورهن بالإعلانات لشركات الملابس أو غيرها؟
وما حكم المال المتحصل من هذا الأمر؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالنظر إلى الصغيرة ـ وبالتالي تصويرها والنظر إلى صورتها ـ مرتبط بكونها محلا للشهوة والفتنة أو عدمه. فإذا كانت مما لا مطمع فيها؛ لصغرها، فلا حرج في ذلك، وإلا لم يجز. قال ابن قدامة في (المغني): الطفلة التي لا تصلح للنكاح، لا بأس بالنظر إليها. قال أحمد، في رواية الأثرم في رجل يأخذ الصغيرة فيضعها في حجره، ويقبلها: فإن كان يجد شهوة فلا، وإن كان لغير شهوة، فلا بأس. اهـ. وقال في (الكافي): حكم الطفلة التي لا تصلح للنكاح مع الرجال حكم الطفل من النساء، والتي صلحت للنكاح، كالمميز من الأطفال. اهـ. وراجع الفتوى رقم: 29245 وما أحيل عليه فيها.
وأما بالنسبة لملابس الفتاة دون سن البلوغ، فلا بد أن يكون ساترا لعورتها، وعورتها تختلف بحسب سنها وهيئتها، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 112255. وراجع الفتويين: 236293، 178963 في حكم إلباس الفتيات الصغيرات ملابس تظهر الساق والفخذ والكتف.
ومع هذا ننبه على أن المبالغة في تزيين الفتيات الصغيرات بأنواع المساحيق والملابس قد يتغير معه الحكم؛ فإن الله تعالى لما أباح للقواعد من النساء اللاتي لا يطمعن في النكاح أن يضعن من ثيابهن، قيَّد ذلك بعدم التبرج بالزينة، فقال: وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ [النور: 60] قال العلامة الطاهر ابن عاشور في (التحرير والتنوير): إذا تجلت بزينة من شأنها إخفاؤها إلا عن الزوج، فكأنها تعرض باستجلاب استحسان الرجال إياها وإثارة رغبتهم فيها، وهي وإن كانت من القواعد فإن تعريضها بذلك يخالف الآداب ويزيل وقار سنها، وقد يرغب فيها بعض أهل الشهوات؛ لما في التبرج بالزينة من الستر على عيوبها أو الإشغال عن عيوبها بالنظر في محاسن زينتها. فالتبرج بالزينة: التحلي بما ليس من العادة التحلي به في الظاهر من تحمير وتبييض وكذلك الألوان النادرة اهـ.

وقال الشيخ التويجري في (موسوعة الفقه الإسلامي): خروج المرأة عن الاحتشام إلى التبرج والتبذل مثير للغريزة الجنسية، ومطلق لها من عنانها، يسهل الوقوع فيما حرم الله. من أجل هذا عني الإسلام عناية خاصة بملابس المرأة وزينتها، وأمرها بغض البصر، وعدم إبداء الزينة ولو كانت عجوزاً أو صغيرة أو امرأة صالحة ... اهـ.
وأما حكم فتح محل للتصوير فحكمه فرع لحكم التصوير ذاته، ثم حكم ما يُصوَّر، فإن التصوير الضوئي في ذاته محل خلاف بين أهل العلم، وإذا قلنا بجوازه فإن ذلك مقيد بما يباح، فإذا بلغت الفتاة السن التي يحرم معه النظر إليها لم يجز تصويرها مبدية زينتها، وكذلك إن كانت على هيئة تعرٍ لا يجوز معها النظر إليها.
ومتى حكمنا بحرمة التصوير حكمنا بحرمة الأجرة عليه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله عز وجل إذا حرم أكل شيء حرم ثمنه. رواه أحمد وأبو داود، وصححه الألباني. وقال الشيخ العثيمين: كل حرام فأخذ العوض عنه حرام، سواء ببيع، أو بإجارة، أو غير ذلك. اهـ. وراجع للفائدة الفتوى رقم: 188103.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني