السؤال
امرأة متزوجة حملت من اغتصاب أمام عين زوجها الأشل من جنود الاحتلال، فمرض زوجها منعه من معاشرتها جنسيًا ما يزيد على العامين، فهل لها أن تتمسك أمام زوجها بتربية وحضانة هذا المولود؟ وماذا لو أصر الزوج على الرفض؟ فهل له أن يجبرها على إيداعه أحد دور الرعاية؛ فهو لا يطيق أن يرى ما يذكره بهذا الحادث الأليم مما يثير فيه نار الغيرة، والغضب؟ وإلى من ينسب هذا المولود -جزاكم الله خيرًا-؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن كل مولود على فراش الزوجية ينسب للزوج، ولا يملك الزوج نفي نسب الولد إلا باللعان، قال ابن قدامة -رحمه الله-: ولا ينتفي ولد المرأة إلا باللعان. ولمعرفة اللعان وكيفيته راجع الفتوى رقم: 1147.
وقد اختلف أهل العلم في صحة اللعان لنفي الولد دون رمي المرأة بالزنا، قال ابن قدامة -رحمه الله-: وإن قال: أُكْرِهَت على الزنا، فلا حد أيضًا؛ لأنه لم يقذفها، ولا لعان في هذه المواضع؛ لأنه لم يقذفها، ومن شرط اللعان القذف، ويلحقه نسب الولد، وبهذا قال أبو حنيفة، وذكر القاضي أن في هذه الصورة الآخرة رواية أخرى، أن له اللعان؛ لأنه محتاج إلى نفي الولد، .... وهذا مذهب الشافعي.
فعلى القول بجواز نفي الولد باللعان في هذه الحال، فإن الزوج إذا نفاه انتفى نسبه منه، ولا ينسب للزاني، أو غيره، وانظر الفتوى رقم: 131191.
ولكن يبقى نسب الولد لأمّه، وتكون حضانته لها، لكن يحق للزوج أن يأبى بقاء الطفل معهما، إلا إذا لم يكن للطفل من يحضنه، ويرعاه غير أمّه، فلا يحق للزوج منعها من حضانته، قال الدسوقي المالكي: حَاصِلُهُ أَنَّ أَحَدَ الزَّوْجَيْنِ إذَا كان له وَلَدٌ صَغِيرٌ، وَأَرَادَ الْآخَرُ أَنْ يُخْرِجَهُ عنه من الْمَنْزِلِ فإن له ذلك ما لم يَعْلَمْ بِهِ وَقْتَ الْبِنَاءِ، فَإِنْ عَلِمَ بِهِ وَأَرَادَ أَنْ يُخْرِجَهُ عنه فَلَيْسَ له ذلك، وما ذُكِرَ من التَّفْصِيلِ من أَنَّهُ إذَا عَلِمَ بِهِ عِنْدَ الْبِنَاءِ، فَلَيْسَ له إخْرَاجُهُ وَإِلَّا كان له إخْرَاجُهُ، مَحَلُّهُ إذَا كان لِلْوَلَدِ حَاضِنٌ، أَيْ كَافِلٌ يَكْفُلُهُ، وَإِلَّا فَلَا امْتِنَاعَ لِمَنْ ليس معه الْوَلَدُ أَنْ يَسْكُنَ مع الْوَلَدِ، سَوَاءٌ حَصَلَ الْبِنَاءُ مع الْعِلْمِ بِهِ أَمْ لَا.
والله أعلم.