السؤال
أسأل الله أن يتقبل منكم هذا الخير الكثير الذي تقدمونه لنا من خلال هذا الموقع الرائع، والسؤال هو: هل يوجد حديث أو أثر في معنى:
أن العبد المؤمن في الجنة يُشرف على مكان منها عظيم يدهشه ويتمناه أن يكون له! فيطلب من ربه أن يكون صاحب هذا الملك العظيم، فيقال له: إنه لك إذا صفحت عن أخيك المؤمن فلان، لأن الفوز بهذه المكانة تتطلب بلوغ صاحبها لمستوى معين، وهذا المستوى لم تبلغه لأنك لم تصفح عمن أساء لك من المؤمنين، فالصفح عن الآخرين يحتاج نفساً كبيرة كلها محبة وإيثار وتفان وبعد عن الأنانية، فيصفح عن أخيه ويدخلان سويا الجنة بإذن الله تعالى.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد
فجزاك الله خيرًا على دعواتك وحُسن ثنائك على إخوانك في الموقع، وبخصوص الحديث الذي يشتمل على المعنى الذي سألت عنه، فقد أورد الإمام الحافظ البوصيري في كتابه: إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة ـ حديثًا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، عنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ أنه قَالَ: بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ إِذْ رَأَيْنَاهُ ضَحِكَ حَتَّى بَدَتْ ثَنَايَاهُ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَا أضحكك يَا رَسُولَ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّيَ؟ فَقَالَ: رَجُلَانِ جثيا مِنْ أُمَّتِي بَيْنَ يَدَيْ رَبِّ الْعِزَّةِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، فَقَالَ أَحَدُهُمَا: يَا رَبِّ، خُذْ لِي مَظْلَمَتِي مِنْ أَخِي، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَعْطِ أَخَاكَ مَظْلَمَتَهُ، قَالَ: يَا رَبِّ لَمْ يَبْقَ مِنْ حَسَنَاتِي شَيء، قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لِلطَّالِبِ: كَيْفَ تَصْنَعُ بِأَخِيكَ وَلَمْ يَبْقَ مِنْ حَسَنَاتِهِ شَيء؟ قَالَ: يَا رَبِّ، فَلْيَحْمِلْ عَنِّيَ مِنْ أَوْزَارِيَ، قَالَ: وَفَاضَتْ عَيْنَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْبُكَاءِ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ ذَلِكَ لَيَوْمٌ عَظِيمٌ، يَوْمٌ يَحْتَاجُ النَّاسُ إلى أن يحمل عنهم من أَوْزَارَهُمْ، فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِلطَّالِبِ: ارْفَعْ بَصَرَكَ فَانْظُرْ فِي الْجِنَانِ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: يَا رَبِّ، أَرَى مَدَائِنَ مِنْ فِضَّةٍ، وَقُصُورًا مِنْ ذهب مكللة باللؤلؤ، لِأَيِّ نَبِيٍّ هَذَا؟! لِأَيِّ صِدِّيقٍ هَذَا؟! لِأَيِّ شَهِيدٍ هَذَا؟! قَالَ: هَذَا لِمَنْ أَعْطَى الثَّمَنْ، قَالَ: يَا رَبِّ وَمَنْ يَمْلِكُ ذلك؟ قال: أنت تملكُه، قال: بماذا يا رب؟ قَالَ: تَعْفُو عَنْ أَخِيكَ، قَالَ: يَا رَبِّ، فإني قَدْ عَفَوْتُ عَنْهُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: خُذْ بِيَدِ أَخِيكَ فَأَدْخِلْهُ الْجَنَّةَ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم عند ذلك: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ، فَإِنَّ اللَّهَ يُصْلِحُ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. قال الحافظ البوصيري بعد أن أورد هذا الحديث في كتابه: رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ لِضَعْفِ سَعِيدِ بْنِ أَنَسٍ وَعَبَّادِ بْنِ شَيْبَةَ.
هذا، وقد حثَّت الشريعة الإسلامية على العفو والصفح عن الزلات والعثرات، وجاءت نصوص القرآن والسنة مبينة ما أعده الله تعالى من ثواب للعافين عن الناس، ومن ذلك ما ورد في الفتاوى التالية أرقامها: 3032، 5338 54408.
والله أعلم.