السؤال
قمت بأخذ قرض من البنك الإسلامي وأدفع مبلغ ثلاثة آلاف وستمائة شيقل شهريا ما قيمته سبعمائة دينار شهريا، وكانت الأمور جيدة، ولكن للأسف بعد ثلاث سنين انفصلت عن زوجتي، وأصبحت أدفع لها شهريا أربعمائة وخمسين دينارا مؤخر وتوابع مهر وبدل ذهب، علما أنها تريد مني ما يقارب اثني عشر ألف دينار أردني، ونفقة ولد ثمانية وخمسين دينارا للأسف عملي قام بتقليص دوامي وانخفض راتبي، علما بأن راتبي كان ما يقارب ألفا وثلاثمائة دينار، والآن أصبح أقل، ونعيش قبل أن يقل على راتب زوجتي الجديدة، والأمور أصبحت صعبة جدا، بالإضافة إلى تكاليف الحياة، وعندي طفل آخر يعيش معي، علما أنني إن تخلفت عن دفع الديون تقوم طليقتي بإصدار أمر حبس لي إن لم أقم بالدفع، وأحاول تخفيض دفعة البنك دون جدوى، أفكر بأخذ قرض من البنك لإغلاق جميع ديوني وأقسط إلى البنك بمبلغ مائتين وخمسين دينارا فقط شهريا، وأصبح الأمر مزعجا جدا، وأشعر أني لا أستطيع تسديد كل هذه المبالغ الطائلة، وربما تحمل زوجتي الجديدة وتجلس في البيت، ولا يوجد مصدر دخل آخر، وحاولت الاقتراض من الأقارب لكن لم أستطع، أشعر بأنه لا يوجد خيار آخر لي سوى البنك، ولكني لا أشعر بارتياح لأنه بنك ربوي.
أفيدوني أرجوكم أن تجيبوني بشكل سريع.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الربا من كبائر الذنوب الموبقات, وهو موجب لحرب الله جل وعز للمتعامل به، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ {البقرة:279/278}، والمتعامل بالربا ملعون على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ففي صحيح مسلم عن جابر ـ رضي الله عنه ـ قال: لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا وَمُؤْكِلَهُ، وَكَاتِبَهُ، وَشَاهِدَيْهِ، وقال: هم سواء.
ومن تيمم الربا ليكثر ماله فإن مآله إلى الإقلال، فعن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: الربا وإن كثر، فإن عاقبته تصير إلى قل. أخرجه أحمد والحاكم وقال: هذا حديث صحيح الإسناد، وقال الذهبي في تلخيصه: صحيح.
وبعد: فإن الربا لا يباح إلا في حال الضرورة، وما شرحته من حاجتك فلا يظهر أنه يصل إلى رتبة الضرورة في ميزان الشرع، فإن الضرورة هي: أن تطرأ على الإنسان حالة من الخطر، أو المشقة الشديدة؛ بحيث يخاف حدوث ضرر أو أذى بالنفس، أو بالعضو ـ أي عضو من أعضاء النفس ـ أو بالعرض، أو بالعقل، أو بالمال وتوابعها، ويتعين أو يباح عندئذ ارتكاب الحرام، أو ترك الواجب، أو تأخيره عن وقته دفعاً للضرر عنه في غالب ظنه ضمن قيود الشرع . من كتاب نظرية الضرورة الشرعية. اهـ . فلا يجوز لك الإقدام على الاقتراض بقرض ربوي لحالتك هذه. وراجع لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 1420.
واعلم أن أبواب الرزق الحلال كثيرة لا تضيق بالعباد، وأنك لن تجد فَقْد شيء تركته لله، فما تركته لله فسيعوضك خيرا منه بإذنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنك لن تدع شيئا اتقاء الله عز وجل إلا أعطاك الله خيرا منه. أخرجه أحمد، وصححه الألباني.
وإن كان البنك الربوي يقدم تمويلات إسلامية مقيدة بالضوابط الشرعية فلا حرج عليك في التعامل معه بها عند الحاجة، كما سبق في الفتوى رقم: 102850. وانظر للفائدة في البدائل الشرعية للقروض الربوية الفتوى رقم: 65645.
والله أعلم.