السؤال
استفساري عن عدم استجابة الدعاء؛ لذا فقد قلت ربما يكون الأمر متعلقا بموضوع الدعاء نفسه لذا سأعرضه عليكم، فأنا أدعو الله ليوفقني في اللوتري أو ما يسمى الهجرة العشوائية لأمريكا، وهي عبارة عن سحب يجري كل عام بشكل عشوائي لاختيار عدد معين من ضمن ملايين يتقدمون، مع العلم أيضا أن هذا النظام لا يأخذ من المتقدمين أي مبلغ على الإطلاق مجرد تقديم، وأنا أيضا نيتي للسفر لأمريكا بها كل خير، فأنا نويت السفر لأبني مستقبلي، وأتعلم وأعمل، ومن داخلي أبيت النية أن أبتعد عن كل أشكال المعاصي الموجودة في تلك البلاد، وأعلم أني أقدر على ذلك، ومع ذلك لمدة ثلاث سنوات كل عام لا أفوز، مع العلم أن الطبيعي هو عدم الفوز؛ لأن المتقدمين بعشرات الملايين والفائزين يكونون بالآلاف، ولكني آمل مع الدعاء الشديد أن يستجيب الله لي، فهي حاجتي الملحة وأمنية حياتي، وأنام وأستيقظ على هذا الحلم، وكما قلت سابقا فأنا أتخير جميع أوقات الاستجابة وأدعو بها، ومطعمي حلال ـ والحمد لله ـ ومع ذلك كل عام لا أفوز!! فأين المشكلة إذا؟ هل هو في موضوع الدعاء نفسه أي السفر لأمريكا؟ أم أن الدعاء لا يغير الأقدار المكتوبة مسبقا؟ أم ماذا؟.
أرجو أن توضحوا لي الأمر، وأخيرا لا معقب على إرادة الله، واللهم لا اعتراض.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يخفى على كل ذي لب وعقل سليم أن في بلاد الكفر من أسباب الشر والفتنة والفساد ما يجعل المسلم الحريص على دينه يحسب ألف حساب إذا فكر في الهجرة إلى تلك البلاد، وقد سبق لنا بالفتوى رقم: 2007 تعداد بعض مضار الإقامة في تلك البلاد، ومن هنا لا يجوز للمسلم الهجرة إلى تلك البلاد إلا لضرورة أو حاجة.
وبلد يفتقد المسلم فيه شيئا من دنياه خير من بلد يجد فيه دنياه ويفقد فيه دينه، فالدين رأس مال المسلم، وما أحسن ما قاله القحطاني في نونيته حين قال:
الدين رأس المال فاستمسك به فضياعه من أعظم الخسران.
فلعل من رحمة الله بك أن لم يهيئ لك الذهاب إلى تلك البلاد الكافرة التي انحرف بسببها كثير من المسلمين، فبعضهم أصبح من الفساق وبعضهم من المرتدين الكفار ـ عياذا بالله ـ وراجع الفتوى: 211573.
وعموما فإن عدم استجابة الدعاء قد ترجع إلى فقد شرط، أو وجود مانع كما ذكرنا ذلك في الفتوى رقم: 32655. كما قد يرجع ذلك إلى ما في علم الله من أن الخير في عدم تحقيق مطلوب الداعي بخصوصه، وحسبك قوله تعالى: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {البقرة:216}، فارض بما كتبه الله لك، واحمد الله أن جعل مطعمك حلالا ومشربك حلالا وملبسك حلالا، واحمده سبحانه على عدم تهيئة أسباب السفر إلى تلك البلاد.
وأما مسألة القدر والدعاء، وهل يمكن تغير القدر فراجع في ذلك الفتويين التاليتين أرقامهما: 35295، 10657.
والله أعلم.