السؤال
يا شيخ أنا كنت أقول لشخص كان يكذب فقلت له: لا تكذب يا مسيلمة الكذاب، ليس بقصد أنه كافر بل لكذبه، وكنيته بمسيلمة لكذب مسيلمة الكذاب؛ لأني كنت في نفس الوقت أعيره فيها مازحا، فهل أكون كفرته يا شيخ؟
أجيبوني جزاكم الله خيرا وألهمكم للصواب.
يا شيخ أنا كنت أقول لشخص كان يكذب فقلت له: لا تكذب يا مسيلمة الكذاب، ليس بقصد أنه كافر بل لكذبه، وكنيته بمسيلمة لكذب مسيلمة الكذاب؛ لأني كنت في نفس الوقت أعيره فيها مازحا، فهل أكون كفرته يا شيخ؟
أجيبوني جزاكم الله خيرا وألهمكم للصواب.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يُعد ذلك تكفيرا، وإنما هو تنفير من هذا الوصف، لا أنك تقصد أنه كافر كمسيلمة، ولكن، قد يحرم من جهة كونه إيذاء للمسلم؛ قال تعالى: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا {الأحزاب:58}، قال القرطبي: أَذِيَّةُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ هِيَ أَيْضًا بِالْأَفْعَالِ وَالْأَقْوَالِ الْقَبِيحَةِ، كَالْبُهْتَانِ وَالتَّكْذِيبِ الْفَاحِشِ الْمُخْتَلَقِ، وَهَذِهِ الْآيَةُ نَظِيرُ الْآيَةِ الَّتِي فِي النِّسَاءِ: وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً [النساء: 112] كَمَا قَالَ هُنَا، وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ مِنَ الْأَذِيَّةِ تَعْيِيرُهُ بِحَسَبٍ مَذْمُومٍ، أَوْ حِرْفَةٍ مَذْمُومَةٍ، أو شيء يَثْقُلُ عَلَيْهِ إِذَا سَمِعَهُ، لِأَنَّ أَذَاهُ فِي الْجُمْلَةِ حَرَامٌ، وَقَدْ مَيَّزَ اللَّهُ تَعَالَى بَيْنَ أَذَاهُ وَأَذَى الرَّسُولِ وَأَذَى الْمُؤْمِنِينَ فَجَعَلَ الْأَوَّلَ كُفْرًا وَالثَّانِيَ كَبِيرَةً، فَقَالَ فِي أَذَى الْمُؤْمِنِينَ: "فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً" وَقَدْ بَيَّنَّاهُ. انتهى.
وجاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: وإذا لم يكن القول قذفا، بل مجرد سب أو شتم فإنه يكون معصية لا حد فيها، ففيها التعزير، ومن ذلك قوله: يا نصراني، أو يا زنديق، أو يا كافر، في حين أنه مسلم، وكذلك من قال لآخر: يا مخنث، أو يا منافق، ما دام المجني عليه غير متصف بذلك، ويعزر كذلك في مثل: يا آكل الربا، أو يا شارب الخمر، أو يا خائن، أو يا سارق، وكله بشرط كون المجني عليه غير معروف بما نسب إليه، وكذلك من قال لآخر: يا بليد، أو يا قذر، أو يا سفيه، أو يا ظالم، أو يا أعور، وهو صحيح، أو يا مقعد، وهو صحيح كذلك على سبيل الشتم، وعلى وجه العموم يعزر من شتم آخر، مهما كان الشتم؛ لأنه معصية، ويرجع في تحديد الفعل الموجب للتعزير إلى العرف، فإذا لم يكن الفعل المنسوب للمجني عليه مما يلحق به في العرف العار والأذى والشين، فلا عقاب على الجاني، إذ لا يكون ثمة جريمة. انتهى.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني