السؤال
شكرا لكم على مجهودكم المتميز.
شيوخنا الأفاضل، سأكون ربما جريئا قليلا، وأتحدث عن وسواس يراودني:
أنا مسلم وما يبقيني حيا حتى الآن الخوف من ربي، وحبي لديني، منذ سنتين رأيت صديقي وقد أعجب بموقع للملحدين يسبون الدين والأنبياء و.. إلخ. دخلت الموقع، وغضبت، وبدأت أعلق، وأسبهم، وقطعت علاقتي بصديقي بعد معرفتي بأنه لا مانع لديه مع مثل هؤلاء.
المشكلة: أنني قرأت العديد من منشوراتهم، وأكثر ما أصابني بهذا الوسواس هو النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-؛ حيث إنني بت أشك به -والعياذ بالله- بيني وبين نفسي، ولا أعرف كيف أتخلص من هذا الأمر؟ وكيف أقتنع وأقنع نفسي؟ مع أني أداوم على الاستغفار وغيره.
والمجال هو: الأحاديث التي تظهر فضل الصلاة عليه؛ حيث إن الشيطان يروادني ويقول في قرارة نفسي: ما هذا النبي الذي يحب أن يمدح نفسه، ويظهر أن ذِكره وتبجيله فوق كل شيء! مع أني أقتدي بالسنة وأصوم.
أفيدوني، وشكرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يلهمك رشدك، وأن يشرح صدرك، وأن يعافيك من شر الوسوسة، وشر الشيطان وشركه.
واعلم أن الدواء الناجع في علاج الوسوسة هو: الإعراض عن الوساوس، وعدم الالتفات إليها مهما عظمت أو كثرت، فإنها من الشيطان يريد أن يصد بها العبد عما فيه مصلحته، وقد أخطأت حين مكنت الشيطان من نفسك ليبذر فيها بذور الشر، فإنه لا يجوز للمسلم الذي لم يتسلح بالعلم الشرعي أن يدخل على مثل هذه المواقع؛ لئلا تنطلي عليه شبهات وأوهام أهل الضلال، بل يجب على المسلم أن يفرغ وقته، ويستخدم ذكاءه وطاقته في طلب العلم الشرعي، ثم إن حرصك على إقناع نفسك، ودوامك للاستغفار، وخوفك من الوقوع في الكفر، دليل على أن ما تشكو منه إنما هو وسوسة، وليست شكًّا مخرجًا من الملة، وقد سبق لنا بيان الفرق بين الشك المؤدي للكفر وبين الوسوسة التي تدل على صريح الإيمان، فراجع الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 128213، 7950، 120582، 237892.
كما سبق لنا التنبيه على سبل التخلص من الوسوسة وعلاجها في عدة فتاوى، منها الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 60628، 2081، 78372، 51601.
ثم إن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان سيد المتواضعين، كما علم من سيرته، وقد خيره الله أن يكون ملكًا نبيًّا أو عبدًا نبيًّا، فاختار أن يكون عبدًّا نبيًّا، وكان يقول: اللهم أحيني مسكينًا، وتوفني مسكينًا -صلى الله عليه وسلم-. فحديثه عن نفسه بشيء من فضائله ليس حديث فخر أو مباهاة، إنما هو تبليغ للوحي، وإخبار بفضل الله ونعمته عليه؛ لتنتفع الأمة بذلك، وتزداد له اتباعًا وانقيادًا.
والله أعلم.