السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
بعد الصلاة على الحبيب المصطفى والسلام عليه، وعلى آله الطهر، وصحبه، والتابعين، ومن تبعهم إلى يوم الدين.
أم أجنبية، اعتنقت ديانة شهود يهوه، بعد إسلامها، وتركت بيتها، وفرت بأربعة أطفال أكبرهم لم يبلغ التاسعة من العمر حينها، وأصغرهم لم تبلغ الرابعة بعد. وما فتئت دائبة في تهويد الأولاد، رغم شتى المحاولات المستمرة لردعها عن ذلك على مدى عام ونيف.
حاولت الفرار بالأطفال، ولم أجد -ومع الخيبة الشديدة- بلدا من بلداننا العربية الإسلامية يقبل بإيوائنا، وحمايتنا، وإخراجنا من مأزقنا هذا، على الأقل بقدر ما وصلت بي الأسباب في سؤال أولي الأمر في عدة دول عربية يكون الإسلام هو دينها دستورا معلنا.
للمفتي -جزاه الله خيرا- أن يعلم أيضا أن البلد الذي نقطنه لا يعير للدين أهمية، وخيار القانون الأول والأخير هو حضانة الأم للأولاد ما داموا دون سن السادسة عشرة، والعلم بأن العبد الفقير لله ليس بتارك أولادا من سلالة المصطفى صلى الله عليه وسلم، لقمة سائغة لأعداء الله ودينه الحق، ولو كان الثمن حياته.
ما قول الشرع في قتلها درء لفتنتها، وكون ضرر القتل أهون من مصيبة الفتنة؟ ما العمل في هذا الأمر إن لم يجز قتلها؟
أفيدونا بإجابة مباشرة مفصلة بالدليل، والشاهد في صلب هذا الأمر الجلل.
وجزاكم الله عن الأطفال، وعنا خير الجزاء إن شاء الله، وشفاعة جدنا، وجدهم صلى الله عليه وسلم يوم لا شفاعة لغيره بإذن الله تعالى.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يجعل لك من كل هم فرجا، ومن كل ضيق مخرجا، ومن كل بلاء عافية، وأن يرد زوجتك إلى جادة الحق، وأن ينجي أولادك من سبيل الغواية والضلال، وشر الخلق، بمنه وكرمه سبحانه. ونوصيك بالدعاء، ثم الدعاء، ثم الدعاء، فإن الله تعالى إليه الملجأ والمفزع، وهو مجيب دعوة المضطر وكاشف الضر، وهو القائل سبحانه: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ {النمل:62} وراجع آداب الدعاء بالفتوى رقم: 119608.
وهذه الأم المرتدة عن الإسلام، لا حق لها شرعا في حضانة الأولاد. فمن شرط الحاضن الإسلام، كما هو مبين بالفتوى رقم: 9779.
وجزاك الله خيرا على حرصك على إنقاذهم منها، وهو أمر واجب. فيجب عليك الأخذ بكل سبيل ممكن سائغ شرعا لإنقاذهم. وأما قتلها فلا يجوز لك الإقدام عليه، وهو غالبا سيكون مفسدة محضة، فقد تقتل إن قتلتها، أو تحبس حتى الموت، فيضيع هؤلاء الأولاد، فقتلك لها لا يقره الشرع، ولا العقل.
وإذا بذلت كل سبيل لنزعهم منها، ولم تفلح، فقد أديت الذي عليك من هذه الجهة، وبقي بعد ذلك وجوب تعاهدهم، والعمل على الحيلولة دون تأثير أمهم عليهم حتى يصل أحدهم السن التي يمكن أن يستقل بها عن أمه، ولا يكون لها سلطان عليه. واحرص على الإحسان إليهم ما أمكنك حتى تملك قلوبهم، ويؤثروا دينك على دين أمهم.
بقي أن ننبه إلى أن من الخطورة بمكان ما يقع من بعض المسلمين من التساهل في أمر الإقامة في البلاد غير الإسلامية، غير مبالين بالمخاطر التي قد يتعرضون لها في دينهم وأخلاقهم، ولا سيما الأولاد، وقد نبهنا على هذا كثيرا، ونحيلك على سبيل المثال إلى الفتوى رقم: 2007.
والله أعلم.