السؤال
انا لدي أصدقاء أحيانا يسبون أو يفعلون معصية أو منكرا، وعندما أنصحهم ينفرون مني، وأشعر بأنهم لا يحبون النصيحة.
بالأمس أحدهم كان يسب أمامي، فقلت له: لا تسب. فغضب مني. أحيانا أفكر أن لا أقوم بنصيحتهم أبدا، فهل إذا فعلت ذلك ولم أنصحهم أكون آثما؟ علما بأنهم يعرفون أن هذا حرام، وليسوا بجاهلين.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على كل من رأى منكرًا أن ينكره بحسب استطاعته؛ لما في الصحيح من قوله -صلى الله عليه وسلم-: من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان.
فإذا واقع أحد أصحابك هؤلاء منكرًا من السب أو غيره وجب عليك أن تنكر عليه، وتبين له أن ما فعله محرم في الشرع، سواء كان يعلم الحكم أو لا يعلمه، قيامًا بحق الله، وأداء لما افترضه الله على عباده من النصيحة. وترك التناهي عن المنكر موجب لسخط الله وعقوبته، كما قال تعالى: لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ {المائدة:79،78}. فإن لم ينته صاحبك عن فعل هذا المنكر بعد الإنكار عليه فعليك أن تترك مجالسته، ولا تكون معه حيث يقارف المنكر، لقوله تعالى: وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ {النساء:140}؛ فأنت إذا جالست مرتكب المنكر مع عدم الإنكار عليه وأنت تقدر على الإنكار كنت شريكًا له في الإثم.
والذي ننصحك به: هو أن تتخير من الأصحاب من يفعل الخير ويترك الشر؛ فصحبة الصالحين من أعون الأشياء على الاستقامة، وصحبة الأشرار من أعظم أسباب الفساد والانحراف -والعياذ بالله-؛ ولذا جاء عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قوله: لا تصاحب إلا مؤمنًا، ولا يأكل طعامك إلا تقي. رواه أحمد، وأبو داود.
والله أعلم.