السؤال
أعاني نفس مشكلة صاحبة السؤال رقم: "279454" وهي أنني أحرّم على نفسي الحلال، إذا كان الوصول إلى هذا الحلال جاء عن طريقة وسيلة محرمة. ودعوني أضرب لكم أمثلة على ذلك:
(1) لو أن لي صديقا يعمل في بنك، أو في أي عمل فيه شبهة، وعن طريق هذا الصديق جاءتني فرصة عمل حلال، أحرّمها على نفسي؛ لأنها جاءت عن طريق هذا الصديق الذي يعمل في عمل حرام.
(2) لو جاءتني عن طريق أحد الأفلام، أو المسلسلات، فكرة من شأنها أن تعود علي بالنفع في حياتي، أحرم على نفسي هذه الفكرة؛ لأنها جاءت عن طريق وسيلة محرمة وهي الفيلم، أو المسلسل.
باختصار، أرى أن الوصول إلى الحلال، عن طريق وسيلة محرمة، يـُحرّم هذا الحلال، تمامـًا مثل صاحبة السؤال رقم "279454" التي حرمت على نفسها الأشياء التي اشتراها لها والدها عن طريق استعمال سيارة العمل على وجه محرم.
وبحثتُ كثيرًا في هذا الأمر، فلم أجد أي شيء، وسألت أحد علماء الدين عن هذا الأمر، فكان رده لي أن الحكمة ضالة المؤمن، وذكر لي مثالاً عن جواز التعلم، أو الاستفادة من الشيطان نفسه، أو من الكفار أنفسهم.
فهل الوصول إلى الحلال عن طريق الحرام، يحرم الحلال؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالمثالان المذكوران ليسا من باب استعمال الوسيلة المحرمة؛ فإن الوسيلة من التوسل، وهو من باب التفعّل، والتفعّل هنا للتكلف، والزيادة على فعل الفاعل.
وعلى هذا فنقول بخصوص المثال الأول: إن كانت فرصة العمل قد جاءتك عن طريق الشخص المذكور بدون أن تتكلف التوصل به إليها، فهذا لا يدخل في التوسل أصلا، كما يتضح مما ذكرنا.
وعلى تقدير أنك قد تكلفت التوصل به إليها، فليس هذا من باب التوسل بالحرام؛ فالحرام إنما هو في عمل الشخص المذكورفي المجال المحرم، لا في توصلك عن طريقه إلى فرصة عمل حلال.
وما ذكرت من رد المجيب عليك هو كلام مناسب لهذا المثال.
وأما بخصوص المثال الثاني، فإن مجرد طروء فكرة على ذهنك بسبب مشاهدة الأفلام، والمسلسلات، لا يعني أنك توسلت بمشاهدتها إلى تلك الفكرة، إلا إن كنت قد شاهدتها لهذا الغرض، وتكلفت التوصل إلى الفكرة بمشاهدتها؛ فحينئذ تكون قد توسلت بها، ومع هذا فلا تحرم الاستفادة بالفكرة، حيث كانت مباحة في ذاتها، وإن كنت قد أثمت باستخدام الوسيلة المحرمة. وانظر لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 118876 وإحالاتها.
ومما سبق يتضح أن الوصول إلى أمر مباح في ذاته، عن طريق أمر محرم، لا يستلزم بالضرورة تحريمه.
والله أعلم.