السؤال
سؤالي بخصوص سفر المرأة. إن كنت أتبع رأي المالكية القائل بأن مسافة القصر والجمع في السفر هي حوالي 80 كيلو. فهل هذا يعني أن لي أن أقطع ما دون ذلك وحدي؟ مع العلم أن الدولة التي أعيش فيها آمنة جدا، ولا تتعرض المرأة فيها لمضايقات، وأحتاج التنقل للعمل لأعول أولادي. وعن سفر المرأة عامة، كنت سمعت رأيا يقول بأن النهي عن سفر المرأة معلل بالأمن، كما في حديث الظعينة عن عدي رضي الله عنه، وأن هذه العلة هي نفسها ما علل به الفقهاء النهي الوارد عن سفر الرجل والرجلين وحدهما. فإذا أمنا على نفسيهما جاز لهما السفر. إن كان هذا التعليل صحيحا هل يرجح به الرأي القائل بجواز سفر المرأة الملتزمة وحدها إذا احتاجت لذلك وأمنت على نفسها؟ معذرة على الإطالة.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا أن كل ما يسمى عرفا سفرا لا يجوز للمرأة أن تسافر فيه بغير رفقة زوج أو محرم، فراجعي الفتوى رقم 6219. وهذا الذي ذكرناه من أن المعتبر كل سفر نص عليه بعض فقهاء المالكية، ذكره الحطاب نقلا عن ابن عبد البر وغيره. وذهب بعض فقهاء المالكية كالقاضي عبد الوهاب إلى أن لها أن تسافر أقل من مسيرة يوم وليلة بغير محرم، وعلل ذلك بقوله: لو منعت من السفر والسير في الأرض جملة إلا مع ذي محرم لشق ذلك عليها وضاق، وأدى إلى فوات أكثر حوائجها، وكأن الكثير ممنوعة منه، فاحتيج إلى مدة تضرب للفرق بين القليل والكثير، فوجدنا اليوم أو الليلة أول حد ضرب لتغير هيئة من هيئات السفر، وهي القصر والفطر والصلاة على الراحلة، فاعتبر سفر المرأة به . اهـ . يراجع مواهب الجليل للحطاب.
وقد رخص بعض أهل العلم للمرأة عند العذر في السفر بغير محرم إذا أمنت على نفسها، ويمكن أن تراجعي في ذلك الفتوى رقم: 197367.
ولما ذكرنا من أن الأصل منع المرأة من السفر بغير محرم في أي سفر طال أم قصر، فلا ينبغي للمرأة الترخص والسفر بغير محرم لأدنى سبب، بل لابد من اعتبار العذر ووقوع الحرج الشديد. ولمزيد الفائدة راجعي الفتوى رقم: 134759.
وأما حديث الظعينة فهو إخبار عن أمر مستقبل سيكون ، وليس فيه تعرض لجواز ذلك أو منعه، وهكذا الشأن في بعض علامات الساعة، يخبر فيها عن وقوع العلامة مجردا عن الحكم المتعلق بها. وهذا معنى قول ابن حجر رحمه الله في الجواب عن هذا الاستدلال: (وتعقّب بأنه يدل على وجود ذلك لا على جوازه) انتهى من فتح الباري.
والله أعلم.