السؤال
لدي سؤال عن الآية الكريمة: أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِهَا أَنْ لَوْ نَشَاءُ أَصَبْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ {الأعراف: 100} فهل هذا الخطاب عندما قال الله: للذين يرثون الأرض من بعد أهلها ـ لكفار الأمة؟ أم للمسلمين العاصين؟ وقد قرأت تفسير الآية، فلم أفهم من يقصد الله بها.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الخطاب في الآية يراد به المشركون، كما قال الطبري في تفسيره: قال أبو جعفر: يقول: أوَلم يَبن للّذين يُسْتخلفون في الأرض بعد هلاك آخرين قبلهم كانُوا أهلها، فساروا سيرتهم، وعملوا أعمالهم، وعتوا عن أمر ربهم: أن لو نشاء أصبناهم بذنوبهم ـ يقول: أن لو نشاء فعلنا بهم، كما فعلنا بمن قبلهم، فأخذناهم بذنوبهم، وعجّلنا لهم بأسَنا كما عجلناه لمن كان قبلهم ممن ورثوا عنه الأرض، فأهلكناهم بذنوبهم.... حدثني محمد بن الحسين قال: حدثنا أحمد بن مفضل قال: حدثنا أسباط، عن السدي: أولم يهد للذين يرثون الأرض من بعد أهلها ـ يقول: أولم يتبين للذين يرثون الأرض من بعد أهلها ـ هم المشركون. اهـ.
وقال السعدي في التفسير: أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الأرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِهَا أَنْ لَوْ نَشَاءُ أَصَبْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ تِلْكَ الْقُرَى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَائِهَا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الْكَافِرِينَ وَمَا وَجَدْنَا لأكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ ـ يقول تعالى منبها للأمم الغابرين بعد هلاك الأمم الغابرين: أَوَ لَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الأرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِهَا أَنْ لَوْ نَشَاءُ أَصَبْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ ـ أي: أو لم يتبين ويتضح للأمم الذين ورثوا الأرض، بعد إهلاك من قبلهم بذنوبهم، ثم عملوا كأعمال أولئك المهلكين. أو لم يهتدوا أن اللّه، لو شاء لأصابهم بذنوبهم، فإن هذه سنته في الأولين والآخرين. اهـ.
والله أعلم.