الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا يسقط وجوب بر الابن بأبيه وإن أساء إليه

السؤال

نحن ستة أبناء، أنا أكبرهم، وأبي وأمي منفصلان منذ سنوات غير مطلقين، اتجه أبي إلى الزواج أكثر من مرة، وتركنا دون أن يتكفل بنا، واتجه إلى الدراسات العليا، وأمي هي من تنفق علينا، ومن سنتين اتجهت إلى أن أصل الرحم وأبره وحاولت مع إخوتي، وأصبحت العلاقة ما بيننا وبينه أن يتصل بالتليفون ويسأل عنا فقط دون أن يتكفل بمصاريفنا، وعند الطلب منه أن يتكفل بنا يتحجج بالدراسات العليا، وأن كل ماله ضائع عليها، الآن هو أنهى دراساته وسيناقش خلال أيام، وطلب منا الحضور، فرفضت أمي، وقالت إنه يريد التباهي بكم، وأنه فضل الدراسات والزواج عليكم، فمع محاولات فاشلة لكي أقنع إخوتي بالذهاب رفضت، وهي لا تريد مني الذهاب أيضا، فأقسمت أنا أن أذهب، ولو أراد أحد من إخوتي أن يأتي لأخذته، فأقسمت ألا يذهبوا، وأنها غاضبة من ذهابي وغير راضية عني.
ما حكم اهتمام أبي بالدراسات والزواج وترك أمي لم يطلقها وهي معلقة؟
أنا لا أرغب في الذهاب، ولكني أراها عقوقا لأبي. فهل عدم ذهاب إخوتي أو عدم ذهابي عقوق لأبي، قسمي على أمي أن أذهب وعدم رغبتها في ذهاب إخوتي وذهابي عقوق لها إن ذهبت؟ ومنعها لإخوتي هل هذا يجوز؟
أنا أدرس في الجامعة أنا وأختي الكبرى، وباقي إخوتي في مراحل المدارس المختلفة، وعدم تكفله بنا من مصاريف دراسة ومصاريف معيشية، هل هذا يمنعنا من طاعته؟
وجزاكم الله خيرا، وآسف على الإطالة.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن كان أبوك قد أعرض عن أمك، وتركها معلقة لا بأيم ولا بذات زوج، فهو مفرط وآثم بذلك، ونفقة الزوجة والصغار من الأولاد الذين لا مال لهم واجبة على الأب، ولا يجوز للأب التقصير في ذلك بدعوى الدراسات العليا، ففي الحديث الصحيح: كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت. رواه أبو داود، وانظر الفتوى رقم: 25339.

وإذا أنفقت الزوجة غير متبرعة جاز لها الرجوع بالنفقة على زوجها كما بينا في الفتوى رقم: 34771، وننبه إلى أن هنالك خلافا بين الفقهاء في حكم إنفاق الأب على الولد البالغ أوضحناه في الفتوى رقم: 66857.

وإساءة الأب لا تمنع أبناءه عن بره ولا تسقط هذا الواجب عنهم، فمن حقه عليهم البر به وإن أساء، وسبق أن بينا ذلك في الفتوى رقم: 3459، وبناء على هذا فالواجب طاعة الأب في أمره إياكم بحضور المناقشة، وترك طاعته بغير عذر نوع من العقوق، وليس من حق أمكم منعكم من الحضور ولا تجب طاعتها؛ لأنها بذلك تأمر بمعصية وهي عقوق الأب، ولكن ينبغي الاجتهاد في إرضائها على كل حال، ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: 107482.

ونوصي في الختام في الحرص على التوفيق بين الوالدين والإصلاح بينهما، وأن ينتدب في ذلك العقلاء من الناس ممن يرجى أن يكون لقولهم تأثير، ولا يغفل عن دعاء الله والاستعانة به فهو على كل شيء قدير.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني