السؤال
بوركتم وبورك كل جهد يبذل منكم في خدمة الإسلام والمسلمين: رجل كويتي وزوجته مصرية انفصلا بينونة كبرى، وذهبت المرأة خلال عدتها لزيارة أختها المتزوجة في لبنان بحجة قضاء أيام العيد هناك، ثم رجعت لأولادها بالكويت بعد خمسة أيام، ثم بعد أربعين يوما نزلت مرة أخرى إلى لبنان، وعادت مجددا لأولادها بالكويت، وقالت لزوجها الذي انفصلت عنه: تزوجت مدرسا مصريا في لبنان في زيارتي الأولى لأختي خلال العيد، وكنت قد أنهيت عدتي، وكلمت أبي ليوكل أحدا يزوجني، فقال لي أبي أنت كبيرة تزوجين نفسك بنفسك بموجب القانون، ولم يعترض على زواجي، بل انسحب من الولاية، فبعثت أختي لتقنعه بتوكيل أحد، فرفض دون أن يتمسك بالولاية إطلاقا، بل تخلى وقال أنت كبيرة، وكلي من يزوجك، فذهبت مع الزوج ـ المدرس المصري ـ إلى المحكمة لنعقد، فقال لي القاضي من وكيلك؟ فقلت هذا الرجل، فقال القاضي لوكيلي ضع يدك بيد الزوج واعقدا... فعقدا لي، ثم رفض القاضي إعطاءنا العقد حتى آتي بموافقة من وزارة الداخلية الكويتية، لأنني مصرية وأحمل الجنسية الكويتية، ثم طلبت من زوجي في الزيارة الثانية للبنان أن يطلقني، فطلقني في طهر جامعني فيه ـ وبعد أسبوعين وهي في عدتها من طلاقها منه خالعته بالهاتف، وحولت له مبلغ العوض. والأسئلة هي:
1ـ هل زواج هذه المرأة صحيح وقد تم بدون وليها؟.
2ـ هل يجوز لزوجها الأول أن يعقد عليها؟.
3ـ إذا جاز لزوجها الأول أن يعقد عليها، فهل يجوز له ذلك بعد حيضة واحدة على أنه خلع؟.
4ـ هل يصدقها ـ الزوج الأول ـ بما أنها عقدت على الآخر بعد انقضاء عدتها منه؟.
5ـ هل يصدقها بأن العقد على الزوج الآخر أبرمه القاضي في المحكمة وأنه ليس مأذونا؟.
6ـ ألا يعتبر تهرب والدها وتخليه عن الولاية سببا لانتقال الولاية عنه؟.
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صح ما ذكر، فإن هذه المرأة قد أساءت إساءة بالغة حين سافرت وهي لا تزال في عدتها، فتجب عليها التوبة من ذلك، وتراجع الفتويان: 65624، 5450.
والولي شرط لصحة الزواج على الراجح من أقوال الفقهاء، كما سبق وأن بينا في الفتوى رقم: 1766.
وإذا تم الزواج بواسطة القاضي الشرعي، فهو زواج صحيح، فالسلطان ولي من لا ولي له، وانظري الفتوى رقم: 47816.
هذا مع التنبيه هنا إلى خطأ ما قاله أبوها من أنها كبيرة لها أن تزوج نفسها، وإذا امتنع الولي عن تزويج ابنته لغير مسوغ شرعي، فلها أن ترفع الأمر إلى القاضي الشرعي ليأمر الولي الأبعد بتزويجها أو يزوجها بنفسه، فالسلطان ولي من لا ولي له ـ كما بينا سابقا ـ ولا يجوز للزوجة أن تطلب من زوجها الطلاق أو الخلع لغير مسوغ شرعي، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 29948.
وإذا طلق الزوج زوجته وقع الطلاق، وإذا كان هذا الطلاق رجعيا، وخالعت فيه الزوجة زوجها صح الخلع، لأن المطلقة الرجعية في حكم الزوجة.
والطلاق في طهر مسها فيه طلاق بدعي، ولكنه يقع على الراجح من أقوال الفقهاء، وراجعي الفتوى رقم: 113429.
وأكثر العلماء على أن عدة المختلعة كعدة المطلقة، فتعتد بثلاث حيضات، كما هو مبين في الفتوى رقم: 191523.
فإذا انتهت العدة كان لزوجها الأول أن ينكحها، لأنها قد نكحها زوج غيره، وإذا قصدت الزوجة التحليل بزواجها الثاني فإن هذا لا أثر له، لأن الطلاق ليس بيدها، وأما تصديقه إياها: فيصدقها إن كانت أهلا للتصديق، فقد قال صاحب الزاد من الحنابلة: من ادعت مطلقته المحرمة ـ وقد غابت ـ نكاح من أحلها، وانقضاء عدتها منه، فله نكاحها إن صدقها وأمكن. اهـ، قال الشيخ ابن عثيمين في الشرح الممتع على زاد المستقنع: قوله: إن صدقها ـ فإن لم يصدقها، فلا تحل، لأنه لو أقدم عليها مع عدم تصديقه لها لأقدم على نكاح لا يعلم صحته، وهل له أن يصدقها وإن كانت ممن لا يوثق بخبرها؟ لا، لكن إذا صدقها وهي محل للتصديق، أما إذا كان لا يثق بها، فإنه لا يجوز أن يصدقها. اهـ
والله أعلم.