السؤال
هل يصح عقد الوكالة بالشراء، دون أن يدفع الموكل للوكيل ثمن السلعة التي وكله في شرائها، ودون أن يحدد ميعادا لذلك؟
وإن كان يصح العقد بتلك الصورة. فهل يأثم الوكيل إذا اشترى السلعة قبل قبض ثمنها من الموكل، ثم بعد ذلك انتفع بها، وجعلها لنفسه؛ ليقوم بشراء سلعة أخرى لموكله؟
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن عقد الوكالة يصح وفق ما ذكر، إن كان الوكيل راضيا بذلك.
جاء في منح الجليل شرح مختصر خليل: قال الإمام مالك -رضي الله تعالى عنه-: من ابتاع سلعة لرجل، وأعلم بائعها أنه إنما يشتريها لفلان، فالثمن على الوكيل نقدا كان، أو مؤجلا، حتى يقول له في العقد إنما ينقدك فلان دوني، فالثمن على الآمر حينئذ. اهـ.
وجاء في المهذب للشيرازي: فإن وكله في الشراء، ولم يدفع إليه الثمن، فاشتراه، ففي الثمن ثلاثة أوجه .. اهـ.
ومحل الشاهد منه صحة التوكيل في هذه الحالة.
وانظر الفتوى رقم: 216463
ثم إن الوكيل إذا اشترى السلعة لموكله -ولو لم يعطه الثمن- فقد أصبحت ملكا للموكل، وقد دخلت في ضمانه، وهي أمانة عند الوكيل حتى يؤديها للموكل، فلا يجوز له أن ينتفع بها، أو يتصرف بها أي تصرف خارج عن إرادة الموكل، أو علمه.
قال ابن قدامة في المغني: لا يملك الوكيل من التصرف إلا ما يقتضيه إذن موكله، من جهة النطق، أو من جهة العرف؛ لأن تصرفه بالإذن، فاختص بما أذن فيه، والإذن يعرف بالنطق تارة, وبالعرف أخرى. انتهى.
وفي البيان في مذهب الإمام الشافعي -عند الحديث عن مسألة شراء الوكيل بثمن في الذمة- ما نصه: والصحيح أن الثمن يجب للبائع في ذمة الموكل، ويكون الوكيل ضامنا على الموكل بالثمن؛ لأن الموكل ينتقل إليه ملك المثمن، فكان عليه الثمن، كما لو قبل العقد لنفسه. اهـ بتصرف يسير.
وما دام الموكل ينتقل إليه ملك المثمن بمجرد العقد، فلا يجوز للوكيل التصرف فيه بدون إذنه.
والله أعلم.