السؤال
ركبت أنا وصديقتي مع سائق، ثم سألتها كم تكلفة المشوار؟ فحلفت أنها لن تأخذ شيئا من ذلك, فأصررت عليها، فقالت لا نستطيع النقاش
في السيارة، فقلت لها في الوقت نفسه حلفت أيضا أن تأخذي, وأنت حلفت أنك لن تأخذيه لتعطيه السائق, وأنا حلفت أنك ستأخذينه أنت: أعني أنك دفعت عني للسائق، وأنا سأعطيك وتأخذينه ولا تعطينه للسائق، لأنك قد أعطيته عني، تحايلت في الكلام إن صحت العبارة، فلما نزلت إلى بيتها أعطيتها وقلت أنت حلفت أنك لن تأخذيه لتعطيه السائق، وأنا حلفت أنك ستأخذيه لك, فقالت بل نيتي أنني لا آخذ منك، ثم قلت لها ماذا أفعل بحلفي؟ فقالت اعطي هذه الفلوس لطالباتك, وقالت لي أنت قلت إنك لن تأخذيها وأنت لن تأخذيها، لأنني أقول لك أعطها لطالباتك فأنت لم تأخذيها، فهل أكفر عن يميني، أم صحيح ما قالت؟ مع العلم أنني لا أستطيع إعطاءها الآن لطالباتي، لأنني بحاجة إلى المال, وسأؤخرها لمدة.
أفيدوني, أثقل الله به ميزانكم.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا في الفتوى رقم: 80696، أن الحالف في مثل هذه الحال إما أن تكون اليمين جارية على لسانه من غير قصد، وإما أن يكون قاصداً لها بحلفه، فإن كان الأول، فذاك هو يمين اللغو عند الشافعية والحنابلة، وقال به شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم وابن حزم الظاهري، وهو الراجح وعلى هذا التقدير، فلا مؤاخذة على أي من الحالفين، وهذا ظاهر السؤال.
وإن كان الحالفان قد قصدا بحلفهما عقد اليمين، فهي يمين منعقدة، فعلى هذا إن كنت عقدت اليمين بقلبك، فعليك الكفارة لأنك لم تدفعي المال إليها، وواضح جداً من اليمين أنك أردت ألا تدفع هي، وإنما تدفعين أنت، وعليه، فطالما دفعت، فعليك الكفارة المذكورة في قول الله تعالى: فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ {سورة المائدة: 89}.
وكلامك صديقتك صحيح: أنها قصدت أنها لن تأخذ منك.
والله أعلم.