السؤال
أنا شاب أعمل أستاذ مادة علوم الطبيعة والحياة، وعملي فيه اختلاط حيث إنني أقوم بتقديم دروس دعم للتلاميذ تساعدهم في اجتياز امتحان البكالوريا، علما أن أعمار التلاميذ في حدود 17 إلى 20 سنة، وأنا أضع الذكور في الأمام والإناث في الخلف، لكن ألاحظ أن على بعض الفتيات بعض التبرج غير اللائق، وأنا أريد أن أعرف ما حكم عملي في هذه الظروف؟ هل أنا آثم على هذا العمل وأرجو أن تجيبوني عن الأسئلة التالية كل على حدة بارك الله فيكم:
1ـ هل نقودي التي أكسبها من هذا العمل حلال أم حرام؟
2ـ هل آثم على تدريس الإناث؟ وهل الإثم المترتب عن تدريسي لهم هو بسبب النظر لهن؟ علما أنني أستطيع تجنب النظر إليهن، ولا أنظر إليهن إلا بقدر الحاجة.
3ـ هل يلحقني إثم خروج الفتاة متبرجة لمجرد أنني أدرسها، وأنا أعلم أنها لا تلتزم بالحجاب الإسلامي (وهو حال معظم البنات عندنا هنا)؛ لأنني كنت سببا في خروجها من المنزل، أم أنني لست مسئولا عن خروجها متبرجة؟ علما أنني أتمنى خروجها بالحجاب الإسلامي، وأقدم لهن النصح حول هذا, وحتى إذا لم أدرسها أنا فهي ستذهب إلى أستاذ آخر، ولن يكون رفض تدريسي لها سببا سيجعلها تمكث في البيت أو تلبس الحجاب الشرعي، فستخرج على تلك الهيئة درست عندي أم لم تدرس عندي.
فأرجو أن تجيبوني على هذه الأسئلة بارك الله فيكم؛ علما أنني بحاجة لهذه النقود.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فشكر الله لك تحريك في أمر دينك، وزادك على الخير حرصا.
وأما ما سألت عنه فجواب السؤال الأول أن راتبك إنما يتعلق حكمه بجواز تدريس المادة العلمية نفسها، ثم بأدائك لأمانة التدريس، فطالما كانت المادة مباحة وأنت تقوم بواجبك في التدريس، فراتبك حلال.
وأما جواب ما بعد ذلك من الأسئلة فمبناه على قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ {المائدة:105}، قال السعدي في تفسيره: أي اجتهدوا في إصلاح أنفسكم وكمالها وإلزامها سلوك الصراط المستقيم، فإنكم إذا صلحتم لا يضركم من ضل عن الصراط المستقيم، ولم يهتد إلى الدين القويم، وإنما يضر نفسه، ولا يدل هذا على أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يضر العبدَ تركُهما وإهمالُهما، فإنه لا يتم هداه، إلا بالإتيان بما يجب عليه من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، نعم، إذا كان عاجزا عن إنكار المنكر بيده ولسانه وأنكره بقلبه، فإنه لا يضره ضلال غيره. اهـ.
وقال ابن علان في (دليل الفالحين): معناها عند المحققين أنكم إذا فعلتم ما كلفتم به لا يضركم تقصير غيركم، ومما كلفنا به الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإذا لم يمتثلهما المخالف فلا عتب حينئذٍ، لأن الواجب الأمر والنهي لا القبول. اهـ.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: الاهتداء إنما يتم بأداء الواجب، فإذا قام المسلم بما يجب عليه من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كما قام بغيره من الواجبات لم يضره ضلال الضلال. اهـ.
فإن انضبط السائل بالضوابط الشرعية في معاملة الطالبات المتبرجات، من غص البصر ونحوه، ثم بذل النصح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فلا شيء عليه من إثمهن؛ لأنه بذلك يكون من جملة المهتدين. وراجع للفائدة الفتوى رقم: 214858.
ومع ذلك فلا ريب في أن المرء لو وجد عملا خاليا من المنكرات كالتبرج أو غيره، فهذا أبرأ له وأسلم لدينه وأبعد عن الفتنة.
والله أعلم.