السؤال
شاب تقدم لخطبة فتاة بموافقة الأهل، وبعد سنة من الخطبة تم فسخها بسبب أن أهل الشاب وخاصة أمه يعتقدون أن أهل الفتاة لا يناسبونهم، وأن أهل الفتاة يحاولون تفكيك الأسرة، وأنهم طامعون في مال الشاب، ويرى الشاب عكس ذلك، ومع العلم أن أهل الشاب لا يعترضون على الفتاة، ولكنهم يعترضون على أهلها، وتم فسخ الخطبة لأن أهل الشاب قرروا قطيعة ابنهم في حالة الزواج من الفتاة بعد فشل الشاب في إقناع أهله، ولكن بعد فترة يريد الشاب الرجوع إلى خطيبته مرة أخرى للتأكيد أن أهله مخطئون في حقها، وأن كل مزاعمهم ليس لها أصل، فهل رجوعه لها يعد من العقوق؟
وأيضًا في حالة فشل الشاب في إقناع الأهل وحدثت القطيعة من أهل الشاب للشاب، فما الذي عليه حتى لا يكون عاقًّا بأمه وقاطعًا لرحمه؟ أي أن القطيعة ستكون من طرف الأهل وليس الابن.
وأيضًا ما الحكم في حالة عدم حضور أهل الشاب الفرح أو كتب الكتاب لاعتراضهم على الأمر؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد ورد إلينا منك سؤال سابق مضمونه قريب من مضمون هذا السؤال، وقد بيّنّا لك في الإجابة عليه أنه ليس من حق الوالدين الاعتراض على زواج ابنهما من فتاة مرضية في دينها وخلقها، وأنه لا اعتبار شرعًا للفوارق المادية والاجتماعية، وأنه إذا أصر الوالدان على الرفض فطاعة الوالدين مقدمة على الزواج من امرأة بعينها إلا أن يخاف الابن على نفسه الفتنة لتعلق قلبه بها، وأحلناك على الفتوى رقم: 93194.
وبناء عليه؛ فإن لم يكن هنالك ما يسوغ للابن الإقدام على الزواج منها فإنه يكون عاقًّا بمخالفته لوالديه، ومهما أمكن الابن البر بوالديه فليفعل، فقد ييسر الله له بسبب ذلك فتاة خيرًا منها، يبارك الله له فيها، ويرزقه منها ذرية طيبة.
ولو قدر أن تزوج بغير رضاهم، وغضبوا لأجل ذلك، فعليه أن يصلهم وإن قطعوه، وأن يحسن إليهم وإن أساءوا إليه، وأن يحلم عنهم وإن جهلوا عليه، وإن لم يكن منه تقصير في حقهم فإثم القطيعة عليهم لا عليه، وتراجع الفتوى رقم: 25074.
واتهام أهل الشاب لأهل الفتاة بأنهم يحاولون تفكيك الأسرة وأنهم طامعون في مال الشاب، إن لم يكن لهم في هذا الاتهام بينة فإنهم آثمون بذلك؛ لأنه نوع من سوء الظن، والله -عز وجل- يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ... الآية {الحجرات:12}.
وسؤالك عن الحكم في حالة عدم حضور أهل الشاب الفرح أو كتب الكتاب: إن كان المقصود به أثره على صحة الزواج؛ فجوابه: أن الزواج إذا توفرت أركانه وشروطه كان زواجًا صحيحًا، وراجعها في الفتوى رقم: 1766.
والله أعلم.