السؤال
أرجو منك شيخنا الفاضل أن تفتيني في هذه القضية المستعجلة.
أنا كنت مقيما في إحدى الدول الخليجية مع زوجتي ورجعت إلى بلدي الأصلي مند سنة، لكن إقامتي في الدولة الخليجية لا زالت سارية المفعول؛ لأنه لا زالت لي هناك بعض المصالح في هذه الدولة، فأنا أذهب هناك وأرجع كل ما جاءتني فرصة، والمشكلة أن إقامة زوجتي ستنتهي بعد أسبوعين، ولكي أجدد لها الإقامة يجب أن يكون عندي عقد إيجار موثق، وأنا يمكن أن أحصل على عقد الإيجار لكن بدون توثيق؛ لأن التوثيق صعب جدا؛ لأنه يطلب منك إحضار فاتورة الكهرباء الخاصة بشقتك، وهذا غير ممكن لكل المقيمين؛ لأن الشقق الخاصة أسعارها غالية جدا، والأغلبية يؤجرون في شقق مشتركة؛ لأنها أرخص، فمثلا لكي يكون عقدك موثق يجب عليك أن تؤجر فيلا كاملة وحدك!! والأغلبية لا يفعلون ذلك بل تجد الفيلا الواحدة مشتركة بين أربع أو خمس عائلات، وبالتالي فالكثير من المقيمين في هذه الدولة ومنهم أصدقائي يدفعون أموالا لبعض الأشخاص الذين تربطهم علاقات مع موظفي إدارة شؤون الإقامة والأجانب لكي يستطيعوا أن يجددوا لهم إقامة أهاليهم بدون توثيق، فما حكم ذلك؟ وهل هذا يعتبر رشوة محرمة؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكرته من توقيع بعض العقود دون توثيق قد يدل ظاهره على أنه يمكن للجهات المسؤولة التغاضي عن ذلك الشرط والتوقيع دونه، وإذا كان كذلك فلا حرج في السعي في تجاوز ذلك الشرط دون غش أو تحايل أو بذل رشوة.
وعليه؛ فإذا كان السمسار الذي يطلب مالا مقابل تلك الخدمة يبذل جهدا ومشقة في سبيل الاستثناء من التوثيق ونحوه فلا حرج في دفع أجرة ذلك السعي إليه، وأما إن كان لا يبذل جهدا سوى جاهه عند المسؤول فليس له ذلك.
ويمكن تعريف الجاه بأنه بذل شخص وجاهته أو نفوذه أو صلاحية تختص به وبمن هو مثله ـ في سبيل حصول آخر على ما هو من حقه لولا عروض بعض العوارض دونه، بشرط ألا تستند هذه العوارض إلى سبب شرعي ملزم، وقد نص الفقهاء على أن الجاه والضمان والقرض لا يجوز أخذ عوض مقابلها؛ لأنها من باب الإرفاق وتفريج الكرب عن المسلمين، فيجب أن تكون لوجه الله وحده دون أي غرض دنيوي.
وإذا لم يجد صاحب الحق وسيلة إلى حقه دون بذل فهو معذور، قال في مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (...إذا أعطى ليتوصل به إلى حق، أو ليدفع به عن نفسه ظلما فلا بأس به)
والله أعلم.