السؤال
أنا طالبة طب - ولله الحمد- كنت كل عمري فيما يرضى الله به عني إلى أن دخل في حياتي طبيب، وهو من يدربني في المشفى الجامعي ومتزوج ويكبرني بعشرين عاما، وحصل إعجاب متبادل، ودائما في صراع رهيب مع نفسي إلى أن كنا وحدنا في العيادة، فاقترب مني ولمسني وعانقني وقبلني وتركته بسرعة، وتكرر الموقف عدة مرات، وبدأت أستسلم، وفي كل مرة يطول العناق والتقبيل عن سابقتها، لكنني في كل مرة أستيقظ في النهاية، وأدخل في دوامة من التأنيب لا توصف، وحالة من الجمود والاندهاش، وجبال أحملها، والآن أشعر أنني أسوأ خلق الله، وأن توبتي بعد كل مرة أتوب فيها من قلب محروق لم تكن مقبولة، لأنني عدت، مع أنني أتعذب كثيرا من العود للذنب، فهل هو دليل عدم صحة التوبة، وأنه ينقصها الإصرار، مع أنني في كل مرة أنوي من كل قلبي، وهو كذلك، فهو ملتزم أكثر مني، فما حكم ما فعلنا؟ وما كفارته؟ وماذا أفعل ليرضى عني الله وألقاه بصحيفة بيضاء. وهل صحيح أن التائب من الذنب كمن لا ذنب له؟ الحمل تثاقل جدا والعود للذنب زاد، وبدأت أخاف من أن التوبة أصبحت مجرد كلام.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن قارف ذنبا وجب عليه أن يتوب منه توبة صادقة مستوفية شروطها والتي بيناها في الفتوى رقم: 5450.
فإن عاد إلى الذنب وجب عليه أن يتوب مرة أخرى، وهكذا فتكرر الذنب لا يمنع التوبة، ولا يدل على عدم صدق تلك التوبة، وسبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 57184.
فلا تقنطي من رحمة الله، فإن ذلك من أسباب الهلاك، قال تعالى: وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ {الحجر:56}.
وليس لهذا الذنب كفارة إلا التوبة، واحرصي على الإكثار من عمل الصالحات، وكون التائب من الذنب كمن لا ذنب له ـ قد ورد في حديث صحيح رواه ابن ماجة في سننه عن ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ وإنك قد أُتيت من قبل تساهلك في خلوة هذا الرجل بك، فالخلوة مصيدة للشيطان يوقع العبد من طريقها فيما يسخط الله، ففي سنن النسائي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ولا يخلون أحدكم بامرأة، فإن الشيطان ثالثهما.
فالواجب عليك العزم والحزم، ولا تمكنيه من الخلوة بك، فالحل عندك إذاً لو أردت السلامة لنفسك والنجاة، فكيف سيكون حالك إذا قبض الله روحك وأنت على هذه المعصية قبل أن تتوبي؟! ويجب عليك تجنب التدرب عند هذا الطبيب اتقاء للفتنة، كما يلزمك قطع كل صلة به من نحو اتصال هاتفي وغيره، نسأل الله أن يحفظك من كل فتنة وبلية.
والله أعلم.