السؤال
كنت أعمل مهندسًا ميكانيكيًّا بمصنع الطائرات لجمهورية مصر العربية، والمنتج الرئيسي للمصنع تصنيع صواريخ الطائرات الحربية وأجزاء الطائرات، وأيضًا بعض قطع غيار ماكينات منها شركه لتصنيع السجائر، ولكن قطع غيار السجائر يعمل بها المصنع بصورة موسمية (على فترات متباعدة وأستطيع تجنب العمل في أجزاء السجائر)، وكان مرتبي في هذا المصنع صغير نسبيًّا، ولكن الآن انتقلت إلى شركة أخرى تقوم بتصنيع الزجاجات الفارغة للعصائر والبيبسي، ولكن الشركة أيضًا تصدر كمية كبيرة من الزجاجات الفارغة لشركات الخمور في الخارج، ومرتبي في هذه الشركة كبير نسبيًّا. (مع العلم أن طبيعة عملي مهندس تصميم بالشركتين، ولي احتكاك مباشر مع منتجات الشركتين) وما زال أمامي الفرصة قائمة للرجوع إلى الشركة الأولى؛ أي: إنني لست في حكم المضطر للعمل في أي من الشركتين بصرف النظر عن المرتب الكبير في الشركة الثانية (3 أضعاف). فأي من الشركتين ليس بها شبهة دينية من حيث الحرمة ومخالفة أمر الله؟ وهل تصنيع المعدات الحربية حرام أم الزجاجات الفارغة للخمر أشد حرمة؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكرت أن طبيعة عملك في الشركتين تقتضي منك احتكاكًا مباشرًا مع منتجاتهما، وذكرت أيضًا أنك في الشركة الأولى تستطيع تجنب العمل فيما يتعلق بالسجائر، ووفق هذه المعطيات فإن عملك في الشركة الأولى لا شيء فيه إذا تجنبت المساعدة فيما يتعلق بالسجائر، وعلمت أن السلاح الذي تساعد في تصنيعه لا يراد لقتل المسلمين.
وهكذا الحال بالنسبة للشركة الثانية، فإن كنت تستطيع أن يقتصر عملك على التصميم والمساعدة في الزجاجات المخصصة للعصائر وما شابهها فلا حرج عليك في الاستمرار بها، وأما إن كان عملك يستلزم المشاركة أو المساعدة في تصنيع الزجاجات المخصصة للخمر فلا يجوز، لما فيه من الإعانة على الحرام، وقد قال تعالى: وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة:2}.
وبخصوص قولك: وهل تصنيع المعدات الحربية حرام أم الزجاجات الفارغه للخمر ... ؟
فجوابه: أن تصنيع الزجاجات المخصصة للخمر لا شك في حرمته لما فيه من الإعانة على الحرام، أما المعدات الحربية فلا يحرم تصنيعها لصالح المسلمين إلا إذا علم أنها ستستخدم في الاعتداء على مسلمين آخرين؛ قال ابن حزم في (المحلى): لا يحل بيع السلاح أو الخيل ممن يوقن أنه يعدو بها على المسلمين. اهـ.
وقال ابن تيمية: إذا أعان الرجل على معصية الله، كان آثما؛ لأنه أعان على الإثم والعدوان، ولهذا لعن النبي -صلى الله عليه وسلم- الخمر، وعاصرها، ومعتصرها، وحاملها، والمحمولة إليه، وبائعها، ومشتريها، وساقيها، وشاربها، وآكل ثمنها. وأكثر هؤلاء كالعاصر، والحامل، والساقي، إنما هم يعاونون على شربها، ولهذا ينهى عن بيع السلاح لمن يقاتل به قتالا محرمًا؛ كقتال المسلمين، والقتال في الفتنة. اهـ.
ومثل البيع التصنيع.
والله أعلم.