السؤال
أعمل في مدينة بعيدة جدا عن قريتي، وفي إحدى المرات، أرسل لي رجل من قريتي، أنه يريد مني أن أشتري له (جهاز كمبيوتر محمول) ليشاهد عليه هو وأهله أفراح القرية -وأفراح القرية ملأى بالمنكرات من غناء، وموسيقى، وتبرج، واختلاط- ففعلت، وأرسلت إليه طلبه، ثم ندمت، وأريد أن أبرئ نفسي وأن أنصحه، ولكنه أكبر مني ربما بعشرين عاما، وأتيت معي بكتيب اسمه: ألحان، وأشجان. للشيخ العريفي -حفظه الله- ولكني لم أستطع أن أعطيه إياه.
فكيف أفعل؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن من الأمور المقررة في الشرع، أن الإعانة على معصية الله، محرمة؛ لقوله تعالى: وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2}.
قال ابن تيمية: إذا أعان الرجل على معصية الله، كان آثما؛ لأنه أعان على الإثم والعدوان، ولهذا لعن النبي صلى الله عليه وسلم الخمر، وعاصرها، ومعتصرها، وحاملها، والمحمولة إليه، وبائعها، ومشتريها، وساقيها، وشاربها، وآكل ثمنها، وأكثر هؤلاء كالعاصر، والحامل، والساقي، إنما هم يعاونون على شربها، ولهذا ينهى عن بيع السلاح لمن يقاتل به قتالا محرما: كقتال المسلمين، والقتال في الفتنة. اهـ.
فما دمت تعلم، أو يغلب على ظنك، أن من تشتري له الجهاز، سيستعمله في أمر محرم، فلا يجوز لك شراء الجهاز له؛ لئلا تعينه على المعصية.
وأما ما مضى منك من ذلك: فعليك بالتوبة إلى الله عز وجل منه، وذلك بالندم عليه، والعزم على عدم العودة إليه في المستقبل، وعليك بنصح ذلك الشخص بعدم استخدام الجهاز فيما يحرم، أو وعظه بشأن الأمور المحرمة التي يمكن أن يستعمل فيها الجهاز - كعظته في شأن الأغاني، وحرمة استماعها، ونحو ذلك-، وكون الرجل أكبر منك سنا، ليس حائلا بينك، وبين نصحه بالطريقة التي تراها أنسب وأنفع، وأدعى لقبول النصح.
وإذا فعلت ذلك، فلا يضرك -إن شاء الله- استعماله للجهاز في المعصية، ولا يلحقك إثم بذلك، فقد نص أهل العلم على أن من تاب من ذنب، فإنه تقبل توبته، ولا يضره بقاء أثر ذنبه الذي لا يقدر على إزالته، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 225094، والفتوى رقم: 103458.
والله أعلم.