السؤال
أخي الكريم: نجلس في المقرأة، عقب صلاة الفجر، نتدارس كتاب الله. ووقع بيننا خلاف، وجدل واسع في مسألة: هل السيارة، والطائرة وغيرها مما صنعه الإنسان، ويمشي على الأرض، أو يطير في الجو، داخل ضمن كلمة دابة، أي هل هو من الدواب، مع أن الله يقول: (والله خلق كل دابة من ماء) فهل السيارة دابة؟
وشكرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالدابة في الأصل، تطلق على الحي الذي يدب، ويمشي على وجه الأرض؛ ولهذا قال الله تعالى: وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ {هود:6}، وقال: وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ {النور:45}.
وجاء في تفسير البغوي: قوله تعالى: والله خلق كل دابة من ماء، يعني من نطفة، وأراد به كل حيوان يشاهد في الدنيا. اهـ.
وقد تطلق في المعنى اللغوي العام، على كل ما يدب على وجه الأرض.
جاء في لسان العرب: وكلُّ ماشٍ عَلَى الأَرض: دابَّةٌ، ودَبِيبٌ. اهـ.
وفي تفسير الطبري: وقيل: الدواب اسم لكل ما أكل وشرب، وهو عندي لكل ما دب على الأرض. اهـ.
وبناء على هذا، فإن إطلاق الدابة على السيارة، ليس هو الأصل، لكنه قد يكون سائغا بالنظر إلى المعنى اللغوي العام للكلمة.
أما الطائرة، فليست دابة قطعا؛ لأن الغالب فيها الطيران، ومنه اشتق اسمها، وقد قال تعالى -عاطفا الطائر على الدابة-: وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ {الأنعام:38}، والعطف يقتضي المغايرة عند أهل اللغة.
وهذا لا ينفي أن كلا من السيارة، والطائرة قد تتفق مع الدابة في بعض الأحكام الشرعية مثل دعاء الركوب، أو الصلاة على الراحلة، أو نحو ذلك ..
وانظر الفتويين: 9766 ، 268699.
والله أعلم.