السؤال
عندما أكون في صلاتي أتوجه إلى الله بالدعاء بأن يرحم جميع موتى المسلمين، غير أنه ينتابني الشك بأن دعائي هذا غير مستجاب، وأحدّث نفسي أنه إذا رحم الله كل ميت من المسلمين، فمن منا سيدخل النار، لا سيما وأنه وردت أحاديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم تؤكد وجود معذبين في النار من أمته، منها:... وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة، قيل: من هي يا رسول الله؟ قال: من كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي. فهذا دليل قاطع على وجود 72 فرقة من أمة النبي صلى الله عليه وسلم في النار، وواحدة منها فقط في الجنة، فترتاب نفسي، وأحزن لذلك حزنًا شديدًا؛ لأنه بلغني أن من شروط إجابة الدعاء اليقين بالإجابة ـ والله أعلم ـ غير أن هذا اليقين في هذا المقام غير ثابت بسبب ما تقدم من الأسباب، فماذا أصنع؟ وبماذا أدعو حتى أخرج من هذه الحيرة؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالدعاء بالرحمة لجميع المسلمين أمر حسن لا حرج فيه، وقد دعا به الأنبياء من قبل، فقال نوح عليه السلام: رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ {نوح:28}، وقال إبراهيم عليه السلام: رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ {إبراهيم:41}، وأمر الله به نبيه صلى الله عليه وسلم فقال: وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ {محمد:19}، وحث عليه النبي صلى الله عليه وسلم أمته فقال: من استغفر للمؤمنين، وللمؤمنات كتب الله له بكل مؤمن، ومؤمنة حسنة. رواه الطبراني، وحسنه الألباني.
وبهذا كله يتبين لك أن الاستغفار لعموم المسلمين، والمؤمنين، والدعاء لهم بالرحمة أمر حسن مشروع، ولا يشكل عليه ما ذكرته؛ لأن من يقضي الله عليه بدخول النار ليعذب ببعض ذنوبه مآله إلى الجنة، وهو حين يدخلها فبرحمة الله تعالى، كما دلت على ذلك نصوص الشفاعة الكثيرة، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 235615.
والله أعلم.