السؤال
أنا أعمل بشركة يمتلكها رجل مبتدع في دولة إفريقية ويعمل معنا من المسلمين الأفارقة وكذلك النصارى وأيضا عدد من السنة من أهل بلدي ومن المبتدعة من بلد صاحب العمل، علما بأني علمت من إخواني السنة أن عقيدة هؤلاء أن علي كان أولى بالخلافة ويلعنون الصحابة رضوان الله عليهم، ومنهم من يسب أم المؤمنين عائشة، فمنهم من يظهر ذلك ومنهم من لا يتكلم، وجميعهم من العوام غير الملتزمين أصلا ولكنهم يختلطون بنا بشكل كبير، ويدعوننا إلى الطعام، ويزورننا في السكن، ويتسامرون معنا، فما حكم عملي معهم؟ وكيف التعامل معهم؟ هل أختلط بهم حتى أتبين من هذا الكلام وأنصحهم؟ أم أهجرهم ولا أسلم عليهم ولا آكل من ذبائحهم؟ علما بأنه قد يكون في ذلك عدم مصلحة وقد يتسبب في تركي للعمل ورجوعي إلى بلدي.
رجاء الإجابة على سؤالي بتفصيل .
جزاك الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا في فتاوى سابقة أن العمل عند المبتدعة بل والكفار مباح في الأصل إن لم يكن في العمل نفسه محرم أوإعانة على محرم، ويدل للجواز ما ثبت عن كعب بن عجرة ـ رضي الله عنه ـ قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فرأيته متغيرا فقلت: بأبي أنت مالي أراك متغيرا، قال: ما دخل جوفي ما يدخل جوف ذات كبد منذ ثلاث. قال: ذهبت فإذا يهودي يسقي إبلا له فسقيت له على كل دلو تمرة، فجمعت تمرا فأتيت به النبي صلى الله عليه وسلم فقال: من أين لك يا كعب؟ فأخبرته... الحديث. والحديث حسنه الألباني في صحيح الترغيب. وقد استدل أهل العلم بهذا الحديث على جواز استئجار الكافر المسلم.
وأما طعام أهل البدع فإنه مباح، وإذا كان الله تعالى قد أباح طعام أهل الكتاب فطعام المبتدعة أولى أن يكون مباحا؛ إلا أن تكون بدعتهم مكفرة فلا يجوز الأكل من ذبائحهم، ويجوز أكل ما سوى ذلك مما لا يحتاج إلى ذكاة من طعامهم.
قال الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ في حكم ذبائح أهل البدع: أهل البدع ينظر في بدعتهم؛ إذا كانت بدعتهم تكفر فإنه لا يجوز أكل ذبائحهم؛ لأنه لا يجوز أكل ذبائح الكفار إلا أهل الكتاب ـ اليهود والنصارى ـ وأما إذا كانت البدعة لا تُكفر فلا بأس أن نأكل ذبائحهم، لكن غيرهم أولى منهم، حتى وإن كانت البدعة لا تكفر. انتهى.
ثم إن المسلم يتعين عليه المناصحة والسعي في هداية من يخالطهم ويتعامل معهم إن كان له قدرة على ذلك، وليكن سعيه بالحكمة والموعظة الحسنة، ولا يهجرهم ما لم يكن في هجرهم تحقق مصلحة أو درء مفسدة ومن ذلك ما لو خشي على دينه أن يؤثروا عليه لقلة بضاعته في العلم وعنادهم وتكبرهم عن قبول الحق ودعوتهم إلى ما هم عليه فيهجرهم درءا لتلك المفسدة، والأسلم لغير المتمكن ألا يخالطهم ولا يناقشهم ولا يلزم من ذلك قطيعتهم وعدم السلام عليهم إذا لقيهم.
والله أعلم.