السؤال
أنا فتاة في العشرين من عمري، تعرفت إلى شاب، وأحبني بصدق، وكنا نتواعد حتى وصل الأمر بنا –للأسف- إلى الزنا، لكننا تبنا توبة نصوحًا، وعزمنا ألا نرجع إلى ذلك أبدًا، وهو بقي على وعده لي بالزواج، لكن كما اتفقنا بعدما ينقضي ظرف له يمنعه من ذلك؛ لذلك توقفنا عن اللقاء لئلا نقع في الخطأ نفسه، فعرفني إلى أهله، ووعدوني بزيارة قريبة من أجل عقد القِران بعدما يمر الظرف، لكن أهلي علموا بعلاقتنا، فقالوا: إنهم لا يقبلون الزواج هذا؛ لأنه لم يأتِ من الباب، ولا يعلمون بأمر لقاءاتنا، فهل يحق لي أن أزوّج نفسي له، اعتمادًا على مذهب الحنفية، وكذلك على الحديث أن الزانية تزوج نفسها؟ وماذا أفعل إذا كان لا يحق لي في حال لم يوافق أهلي؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن كنتما تائبين توبة صحيحة مما وقعتما فيه من الفاحشة، فزواجكما جائز، وقد زال عنك وصف الزانية بتوبتك؛ لأنّ التائب من الذنب كمن لا ذنب له.
لكن لا يصحّ أن تزوجي نفسك؛ فالزواج بغير وليّ لا يصحّ عند جماهير العلماء، وهو المفتى به عندنا، واعلمي أنّ الحديث الذي أشرت إليه لا يدلّ على أنّ من زنت يصحّ أن تزوج نفسها، بل المقصود النهي، والتنفير من تزويج المرأة نفسها؛ فقد جاء في حاشية السندي على سنن ابن ماجه: "أَيْ مُبَاشَرَةَ الْمَرْأَةِ لِلْعَقْدِ مِنْ شَأْنِ الزَّانِيَةِ، فَلَا يَنْبَغِي أَنْ تَتَحَقَّقَ الْمُبَاشَرَةُ فِي النِّكَاحِ الشَّرْعِيِّ".
وإذا كان هذا الرجل كفؤًا لك، ومنعك وليّك من زواجه دون مسوّغ، فهو عاضل لك، ومن حقّك حينئذ الترافع إلى القاضي ليزوجك، أو يأمر الوليّ بتزويجك، ويجوز أن يزوجك وليّك الأبعد دون الترافع إلى القاضي، كما بيّنّا ذلك في الفتوى رقم: 32427.
والله أعلم.