الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الدعاية والإعلان لبيع أغنام بأسعار عالية

السؤال

أعمل في مجال الدعاية والإعلان، للأغنام الحرة، ونقوم بتصويرها، وعرضها في مواقع ووسائل التواصل، بمقابل مالي، ويستفيد من العرض مالكها، ويبيع بمبالغ عالية، قد تصل أحيانا إلى مئات الآلاف، وأحيانا نقوم بنشر إعلان بيع بأسعار عالية، بعشرات الآلاف، علما أنني متأكد من الأسعار تمام الثقة.
والأمر الآخر: تقام مزادات على هذه الأغنام، ونقوم بالدعاية والإعلان لموعد المزاد، وتصل الأسعار إلى عشرات الآلاف، بل المئات.
هل في هذا إثم؟ وهل نتحمل شيئا منه؟
وهل في عملي هذا شيء، أم إنه جائز؟
أفيدونا أثابكم الله.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فشراء مثل هذه الأغنام بأثمان باهظة، إذا كان لمجرد الفخر والزينة: لا يخلو من الإسراف والتبذير، وتحريم ذلك قد سبق بيانه في الفتويين: 19064، 9266.
وفي ذلك أيضا إضاعة للمال، الذي جعله الله قياما لمصالح العباد في دينهم ودنياهم، وفي الصحيحين عن المغيرة بن شعبة -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينهى عن قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال.

قال النووي: إضاعة المال هو صرفه في غير وجوهه الشرعية، وتعريضه للتلف، وسبب النهي أنه إفساد، والله لا يحب المفسدين، ولأنه إذا أضاع ماله، تعرض لما في أيدي الناس. اهـ.
وقال ابن حجر: الأكثر حملوه على الإسراف في الإنفاق، وقيده بعضهم بالإنفاق في الحرام. والأقوى أنه ما أنفق في غير وجهه المأذون فيه شرعا سواء كانت دينية، أو دنيوية، فمنع منه؛ لأن الله تعالى جعل المال قياما لمصالح العباد، وفي تبذيرها تفويت تلك المصالح، إما في حق مضيعها، وإما في حق غيره. اهـ.

ولا نظن أن من يتعامل في مثل هذا البيع، يجد لنفسه حجة إذا سئل يوم القيامة عن ماله: من أين اكتسبه، وفيم نفقه؟! وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تزول قدم ابن آدم يوم القيامة من عند ربه، حتى يسأل عن خمس: عن عمره فيم أفناه، وعن شبابه فيم أبلاه، وماله من أين اكتسبه، وفيم أنفقه، وماذا عمل فيما علم. رواه الترمذي، وحسنه الألباني. وراجع للفائدة، الفتوى رقم: 178893.
وإذا لم يجز بيع الأغنام بمثل هذه الأسعار الباهظة لمجرد لذلك الغرض، فلا يجوز الإعلان عنها، ولا الدعاية إليها؛ لما فيه من التعاون على الإثم. فالمحظور هو الدعاية لمثل هذه المغالاة التي تدخل في حد الإسراف والتبذير، وإضاعة المال، وأما ما يباع ويشترى لمنافعه المعتبرة شرعا، فلا حرج في الدعاية والإعلان عنه، والتكسب من وراء ذلك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني