السؤال
أعمل مراقبا للجودة، في إحدى شركات تشغيل مصانع (أجر مقابل الإنتاج) تنتج نوعا من الإسمنت، يسمى إسمنت 1 (تنص المواصفات على عدم احتوائه على أي إضافات) في بداية تشغيل المصنع، وافق مدير الجودة على خلط الإسمنت المنتج بنسبة إضافات، تصل إلى 8% (علما بأن المواصفة تنص على أنه عند خلط المنتج بالإضافات، يتغير نوعه إلى إسمنت 2، ويصبح غير ملائم لبعض الاستخدامات، ويتغير سعر المنتج، ويجب توضيح ذلك للمشتري) فما حكم عملي الحالي؟ وإذا كان حراما فهل يجب علي تركه على الفور، أم يمكن الانتظار فيه حتى إيجاد عمل بديل، وحكم الأموال التي ادخرتها من عملي بالشركة، علما بأننا لا نتقاضى أي أموال إضافية نظير خلط الإضافات، كما أن مالك المصنع لن يتنازل عن الإضافات الحالية، أو توضيح ذلك للمشتري؟أفيدونا جزاكم الله خيرا، ونعتذر عن الإطالة.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن ما تقوم به هذه الشركة من الغش والتزوير والاحتيال، أمور محرمة في الشرع، وقد روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم مر في السوق برجل له صبرة من طعام، فأدخل النبي صلى الله عليه وسلم أصابعه، فأصابت بللاً، فقال: ما هذا يا صاحب الطعام؟ فقال: أصابتها السماء يا رسول الله، فقال عليه الصلاة والسلام: أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس، من غش فليس مني.
والمفترض في من يتقلد الوظيفة التي ذكر السائل ( مراقب للجودة) أن يمنع مثل هذا الغش؛ لأن هذا هو دوره، وما دام ذلك غير ممكن -كما هو الظاهر- فإن وجوده في الوظيفة المذكورة، يعد تشريعا للغش، ومساعدة عليه.
ومن ثم، فالواجب عليك أن تترك العمل في تلك الشركة، ما دام عملها مشتملا على ما ذكرت؛ لأن في عملك معها في الوظيفة المذكورة- مشاركة في الغش والتزوير، وإعانة عليه، وهذا لا يجوز؛ لقوله تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2}.
وحيث كان عملك يترتب عليه إضرار بالآخرين، بناء على ما وصفت، فلا يجوز لك الاستمرار فيه، بل يجب تركه على الفور، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار. أخرجه ابن ماجه وغيره، وصححه الألباني.
ومن القواعد الفقهية أن الضرر العام، يدفع بالضرر الخاص.
أما بخصوص حكم ما كسبته سابقا من أموال، لقاء عملك في الشركة المذكورة، فراجع بشأنه فتوانا رقم: 243979
والله أعلم.