السؤال
أنا طالب ما زلت أدرس، وحالتي المادية ضعيفة، ومنذ فترة وجدت تطبيقًا للهاتف الجوال يعمل على إعطاء استبيان للشخص الذي يحمّله على جواله، وبعد إجابتي عن هذا الاستبيان يعطيني التطبيق بعض المال - دولارًا أو نصف دولار أمريكي تقريبًا- وهذا التطبيق يعمل على أن يتتبع الموقع الذي أكون موجودًا فيه، ثم يرسل لي هذه الاستبيانات، وقد عرفت أنه يعمل لدى من هم في أمريكا، ولأنني لا أعيش هناك قمت باستعمال برنامج على جوالي لتغيير موقعي الحقيقي إلى موقع آخر في أمريكا، وأصبحت أحصل على هذه الاستبيانات أحيانًا، وأنا أنوي أن أستعمل هذا المال لشراء بعض تطبيقات الجوال التي تكون مدفوعة، ولكنني ليس عندي المال فعلًا لشرائها، وأنا أحتاج إليها في أغلب الأحيان؛ لذلك أحمّلها بطريقة غير شرعية من الإنترنت، وأستعملها كأنني دفعت سعرها وأنا لم أدفع شيئًا، فهل حصولي على المال من تطبيق الاستبيانات وصرفه على هذا النحو جائز؟ وجزاكم الله خيرًا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد بيّنّا في الفتوى رقم: 260032 شروط جواز أخذ المال مقابل الإجابة عن الاستبيانات، فإذا توفرت تلك الشروط، ولم يحصل منك غش لأصحاب الاستبيان، فلا حرج عليك في المشاركة في الاستبيان، والانتفاع بالمال الذي تحصل عليه، وإن اختل شيء من ذلك، فلا يجوز.
وقد فهمنا من قولك: "ولأنني لا أعيش هناك قمت باستعمال برنامج على جوالي لتغيير موقعي الحقيقي إلى موقع آخر في أمريكا، وأصبحت أحصل على هذه الاستبيانات أحيانًا" أن الاستبيانات التي يرسلها لك الموقع خاصة بمن يوجدون في البلد المذكور، وليست متاحة لكل شخص.
ومن ثم؛ فإن قيامك بتغيير موقعك الحقيقي لإيهامهم بأنك موجود في البلد المستهدف بذلك الاستبيان غش، وخديعة لا تجوز.
وحيث كان المال الذي يعطى عن الإجابة عن الاستبيان إنما يعطى لمن يوجد فعليًّا في ذلك البلد -كما هو الظاهر-؛ فلا يحل لك أخذه؛ لأن شرطًا من شروط الحصول عليه، واستحقاقه غير متوفر فيك، وهو الوجود في البلد المعني، وهذا شرط معتبر؛ لأنه شرط صحيح، ليس فيه ما يخالف الشرع، كما أن الغرض من اشتراطه مفهوم، وهو في الغالب إعداد بعض الإحصائيات، والتقارير الخاصة عن البلد المستهدف، وعن من يسكنون فيه، أو نحو ذلك من الأغراض.
ولا يبرر أخذ هذا المال الحرام كونك تريد شراء بعض التطبيقات؛ لتستغني بها عن تنزيل التطبيقات بصورة غير مشروعة، بل الواجب عليك أن تكف عن الحصول على المال بالطرق غير المشروعة، وأن تنتهي أيضًا عن انتهاك حقوق الآخرين، وتحميل تطبيقاتهم غير المجانية دون شرائها، أو أخذ الإذن لتنزيلها.
ولتتق الله تعالى، وتصبر حتى تجد المال الحلال لتشتري به ما تريد، وتقوى الله تعالى سبب في حصول الرزق، وتحقيق المراد -إن شاء الله- قال تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا {الطلاق:2-3}.
والله أعلم.