السؤال
أعمل جرافيك ديزاينر، وجاءني عمل لتصميم ما يسمى بالألعاب الزوجية بحيث يكون عملي تقليداً للعبة موجودة بالفعل أي أقوم بعمل تصميم لبرنامج مقلد من البرنامج الأصلي لهذه اللعبة.
سؤالي: هو هل يجوز لي العمل في مثل هذه الألعاب وتستطيعون البحث عنها لتعلموا ماهيتها؟
السؤال الثاني: هل يجوز ما أقوم به من عمل هذه النماذج المقلدة من اللعبة الأصلية؟ وإن كان لا يجوز ماذا أفعل؟ ومازال لدي أعمال اتفقت مسبقاً على إنهائها وقد شرعت فيها، هل أكملها؟.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الحكم على الشيء فرع عن تصوره كما هو معروف، ولم تصوري لنا هذه الألعاب لنحكم عليها، وليس من وسعنا تتبع حقائق الألعاب وتقصي طبيعتها، فلا يسعنا الحكم على مثل هذه اللعبة بخصوصها، لكن نقول فيها ما نقوله في شأن الالعاب عموما: إن خلت من المحاذير الشرعية ـ المبينة في الفتوى: 121526 ـ فالأصل أنها جائزة، وإلا فهي محرمة، وانظري أيضا الفتوى رقم: 200659.
وليس من اللازم لمعرفة الشخص للحكم الشرعي أن ينزل المفتي له الحكم على عين ما سأل، بل المهم هو بيان المناطات الشرعية التي تتعلق بالمسألة، فمثلا لو قيل للشخص أن القمار المحرم ضابطه: أن يكون اللاعبون مترددين بين الغنم، والغرم، فهذا هو الجانب الذي من اختصاص الفقيه، ثم المستفتي بدوره يرى بنفسه أو بمن يعرف اللعبة هل هي مما يتردد فيه اللاعبون بين الغنم والغرم أم لا؟.
قال ابن تيمية: وكون المبيع معلوما أو غير معلوم لا يؤخذ عن الفقهاء بخصوصهم؛ بل يؤخذ عن أهل الخبرة بذلك الشيء؛ وإنما المأخوذ عنهم ما انفردوا به من معرفة الأحكام بأدلتها، وقد قال الله تعالى: {الذين يؤمنون بالغيب} والإيمان بالشيء مشروط بقيام دليل يدل عليه، فعلم أن الأمور الغائبة عن المشاهدة قد تعلم بما يدل عليها فإذا قال أهل الخبرة: إنهم يعلمون ذلك كان المرجع إليهم في ذلك دون من لم يشاركهم في ذلك وإن كان أعلم بالدين منهم، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لهم في تأبير النخل: {أنتم أعلم بدنياكم، فما كان من أمر دينكم فإلي} ثم يترتب الحكم الشرعي على ما تعلمه أهل الخبرة كما يترتب على التقويم والقيامة والخرص وغير ذلك. اهـ.
وقال ابن القيم: وقول القائل: "إن هذا غرر ومجهول" فهذا ليس حظ الفقيه، ولا هو من شأنه، وإنما هذا من شأن أهل الخبرة بذلك، فإن عدوه قمارا أو غررا فهم أعلم بذلك، وإنما حظ الفقيه يحل كذا؛ لأن الله أباحه، ويحرم كذا؛ لأن الله حرمه، وقال الله وقال رسوله، وقال الصحابة، وأما أن يرى هذا خطرا وقمارا أو غررا فليس من شأنه بل أربابه أخبر بهذا منه، والمرجع إليهم فيه، كما يرجع إليهم في كون هذا الوصف عيبا أم لا، وكون هذا البيع مربحا أم لا، وكون هذه السلعة نافقة في وقت كذا وبلد كذا، ونحو ذلك من الأوصاف الحسية، والأمور العرفية، فالفقهاء بالنسبة إليهم فيها مثلهم بالنسبة إلى ما في الأحكام الشرعية. اهـ.
وإنما أستطردنا بذكر هذين النقلين لأن كثيرا من السائلين جزاهم الله خيرا يمطرون الموقع بوابل من الأسئلة عن الألعاب والبرامج الجديدة ونحوها بأسمائها، ولو أنهم عُنوا بمعرفة الضوابط العامة في المسائل، وعلموا أنه ليس من اللازم أن ينزل الفقيه الحكم الشرعي على كل صورة بخصوصها لاستغنوا عن كثير من الأسئلة.
ونعتذر عن إجابة سؤالك الثاني التزاما بنظام الموقع، بالاكتفاء بإجابة السؤال الأول من الأسئلة المتعددة.
والله أعلم.