السؤال
ما حكم قيام الزوج بمتابعة هواتف زوجته وبناته بعلمهن؟ وذلك بما له عليهن من سلطة الرقابة والتوجيه، وحتى يتدارك وقوعهن في أي خطأ غير مقصود، لا سيما أن الهواتف متصلة بالإنترنت، وأن لكل منهن صفحة شخصية على مواقع التواصل الاجتماعي، ولتحقيق النظرية القائلة: إن الرقابة هي من أقوى الأسباب التي تردع المراقب عن التفكير في سبل الانحراف، وذلك عملًا بقول الله تعالى: "الرجال قوامون على النساء"، وبقوله صلى الله عليه وسلم: "كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته، الإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله، وهو مسؤول عن رعيته.."، وقوله: "إن الله سائل كل راع عما استرعاه، أحفظ ذلك أم ضيعه, حتى يسأل الرجل عن أهل بيته"؟ وجزاكم الله خيرًا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا ريب في أن الرجل مسؤول عن زوجته، وولده -ذكورًا كانوا أم إناثًا- بالعمل على ما يصونهم من الفتن وأسبابها؛ لهذه النصوص التي أوردتها، وأمثالها.
وأما ما ذكرت من متابعة هواتفهم، فإنه يجوز إن كانت هنالك ريبة، ولا يجوز من غير ريبة، بل هو من التجسس المحرم، وترى تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 60127.
والتجسس ربما أدى خلاف المقصود، أي الفساد بدل الصلاح، ونعني هنا أنه قد يزعزع الثقة بين الرجل وزوجته من جهة، وبينه وأولاده من جهة أخرى فيما إذا اطلعوا على أمر تجسسه عليهم، روى أبو داود عن معاوية ـ رضي الله عنه ـ قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنك إن اتبعت عورات الناس أفسدتهم، أو كدت أن تفسدهم.
وبدلا من هذا كله ينبغي أن يحرص الرجل على تعليم أهله أمور دينهم، وتزكية أنفسهم بالإيمان، وحضور مجالس الخير، فيراقب أحدهم ربه، ويرعى حرماته.
ومما يعينه على النجاح في ذلك أن يكون قدوة لهم، فالقدوة من أعظم المعينات في التربية؛ ولذا جعل الله عز وجل النبي صلى الله عليه وسلم قدوة للمؤمنين، فقال: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا {الأحزاب:21}، وجعل الأنبياء قدوة لرسوله صلى الله عليه وسلم فقال: أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ {الأنعام:90}.
والله أعلم.