السؤال
في الحديث: (أنا ثالث الشريكين، ما لم يخن أحدهما الآخر، فإذا خانه خرجت من بينهما" رواه أبو داود.
اشتركت مع صديق لي في مصلحة، وتم الاتفاق بصورة شفهية، حاولت مرارًا أن يكون ورقيًا، إلا أن الشريك يتهرب من ذلك، ناهيك عن أن ما دفعه من مال لا يكفي لتسيير دفة العمل بصورة مريحة، وعندما أذكره بأنني لم أستلم رواتبي من أشهر، يقول: بأنني شريك، وعليَّ أن أضحي، وعندما أذكره بأن من حقي كشريك أن يكون لي مدخل على الحساب البنكي، يتهرب، علماً بأنني في الآونة الأخيرة فوجئت بسحبه لمبلغ من المال دون سابق اتفاق. فهل هذه تصرفات شرعية؟ وهل لا يزال الرسول الكريم شريكاً ثالثاً لنا بعد كل هذه التجاوزات؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاعلم أن نص الحديث الذي ابتدأت به سؤالك هو: عن أبي هريرة رفعه قال: إن الله يقول: أنا ثالث الشريكين ما لم يخن أحدهما صاحبه، فإن خانه خرجت من بينهما. رواه أبو داود، والبيهقي، والدارقطني، وقال الشيخ الألباني: ضعيف.
ثم إنك قد فرطت إذ لم توثق أمر الشركة بينك وبين شريكك، والله تعالى يقول: وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ [البقرة:282].
والذي يقوم به شريكك الآن من التهرب والمراوغات، إنما هو حيل يريد بها الاستيلاء على حصتك من الشركة، وتفويت الفرصة عليك، فلتبادر بطرح قضيتك على المحاكم الشرعية، لتتدارك الموضوع.
وأما الذي تسأل عنه من أمر الشريك الثالث، فعلى تقدير صحة الحديث، فإنه الله -تبارك وتعالى- وليس الرسول -صلى الله عليه وسلم-، ومعنى شركته، جعل البركة والربح في المال.
قال صاحب عون المعبود في شرح الحديث المذكور: أنا ثالث الشريكين: أي معهما بالحفظ والبركة، أحفظ أموالهما وأعطيهما الرزق والخير في معاملتهما... وشركة الله تعالى إياهما على الاستعارة، كأنه تعالى جعل البركة والفضل والربح بمنزلة المال المخلوط، فسمي ذاته تعالى ثالثهما، وجعل خيانة الشيطان ومحقه البركة بمنزلة المخلوط، وجعله ثالثهما، وقوله خرجت من بينهما، ترشيح للاستعارة.... ج9-ص 170.
والله أعلم.