السؤال
مشكلتي في الشبهات، فالمسلم الطبيعي إذا قرأ القرآن يزداد إيمانا ويقينا، ويسلم لما في القرآن، ويتفكر ويسبح الله.. كان حالي قريبا من هذا ـ بفضل الله ـ والآن أشعر وكأنني أناقش ملحداً أو علمانياً مستهزئاً في داخلي، فكل ما قرأت آية أو سمعت حديثا أو وقفت أتفكر في مخلوقات الله يطلق الشيطان في قلبي شبهة أو استهزاء أو سوء ظن... أريد أن أعود كما كنت كلما قرأت آية تزيدني إيماناً ويقيناً، أريد أن أكون مسلمة بحقّ، أشعر وكأنه ينطبق علي قوله تعالى: والذين سعوا في آياتنا معاجزين ـ وليست وساوس حتى أقول سأدفعها ولا أسترسل معها، هي شبهات وأسئلة غريبة لا أدري كيف تأتيني، أنكرها ولكنني لا أستطيع الإجابة عليها، حتى أقول في داخلي سأنتهي من ذلك ولن أسترسل ولكن كلما مررت على الآية أو الدليل تتكرر هذه الشبه في رأسي، فمثلاً: يقول لي الشيطان انظري الاختراعات البشرية: أجهزة صغيرة فيها ما فيها من الدقّة واللطف، وقبل فترة اخترعوا قلبا صناعيا... أعلم أنه لا أحد يخلق كخلق الله سبحانه وتعالى، لكن لا يزال الشيطان يعيد ويزيد عليّ في هذا الأمر... فما العمل؟ وكيف أعود كما كنت؟ وكيف أجيب وأدافع هذه الشبهات؟.
وجزاكم الله خير الجزاء.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمما يزيد من معاناة المصاب بالوسوسة ألا يقر بكونها وسوسة، وألا يفرق بينها وبين الشك، وقد سبق لنا بيان الفرق بين الشك والوسوسة في الفتوى رقم: 120582.
كما سبق التنبيه على سبل التخلص من الوسوسة وعلاجها في عدة فتاوى، فراجعي منها الفتويين رقم: 182067، ورقم: 220516، وما أحيل عليه فيهما.
وأما الشبهات الحقيقية: فعلاجها يكون بالتعلم وسؤال أهل العلم ومراجعة كلام أهل الاختصاص، وخذي مثالا على ذلك ما ذكرته من الاختراعات البشرية الصغيرة والدقيقة، واختراع القلب الصناعي!! فهذا بحد ذاته دليل وبرهان على قدرة الخالق سبحانه وبديع صنعه وتمام علمه، فهو الذي خلق الإنسان وعلمه البيان وجعل له قدراته ومؤهلاته التي مكنته من بلوغ ذلك، ومن ناحية أخرى فإن اختراعات الإنسان المعقدة جدا والدقيقة للغاية، إذا ما قورنت بخلق الله تعالى، فلن يكون بينهما أي مناسبة! وراجعي في ذلك على سبيل المثال كلام أهل الاختصاص في مقارنة العقل والمخ البشري بالحاسبات الآلية، ومقارنة العين البشرية بالكاميرات الحديثة، ومن ذلك أيضا مقارنة القلب البشري بالقلب الصناعي، فليس بينهما أي وجه للمقارنة، سواء من ناحية القدرة والكفاءة، أو من ناحية الدوام والصلاحية، أو من ناحية الفائدة الحيوية المترتبة عليه، وحسبك أن تعلمي أن الرقم القياسي حتى الآن لمن عاش بقلب صناعي هو سبعة عشر شهراً، ومع ذلك فقد كانت حياته حياة المريض المحدود القدرات.
والله أعلم.