السؤال
في إحدى الإجابات في موقعكم، ذكرتم: "وقال ابن القيم -رحمه الله- في الجواب الكافي: ومن عقوبات الذنوب أنها تزيل النعم، وتحل النقم، فما زالت عن العبد نعمة إلا لسبب ذنب، ولا حلت به نقمة إلا بذنب."
فارتجفت؛ لأن بي ابتلاءات عظيمة مند الصغر.
فهل هذه كلها من ذنوبي، رغم أنني أرى أنني أتحكم في نفسي في الكثير من الشهوات، وأصلي الصلوات في وقتها، وأصوم النوافل، وأتصدق. فهل ما بي هو ذنوب؟ وكيف أفسر أنها منذ الصغر؟ وهل تستطيع أن تكون رفع درجات، فالابتلاءات كبيرة جدا؟ أم كما قلتم أي ابتلاء هو تكفير لذنب؟
وهل تستطيع أن تكون ذنوب والدي، باعتبار أن الأولاد حجاب للآباء؟ وهل يستطيع الله أن يزيل النعمة لحماية الشخص من فتنة، وليس لأنه أذنب؟
أرجو الإفادة.
وجزاكم الله ألف خير.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يعافيك من كل بلاء، وبخصوص سؤالك: فلا يلزم أن يكون ما يصيبك بسبب ذنب اقترفته، أو دلالة على عدم رضا الله عز وجل عنك، وإن كان ذلك أمرا واردا، لكون كل بني آدم خطاء، فقد يكون ما ينزل بك من البلاء عقوبة على ذنوب وتقصير في حق الله تعالى، فيدعوك هذا للبحث عن تلك الذنوب والتفتيش عنها، والمبادرة بالتوبة منها، وقد يكون ذلك مجرد ابتلاء من الله لرفع درجاتك، وزيادة حسناتك، وقد يكون لغير ذلك، مما بيناه في الفتوى رقم: 284614، ورقم: 231847.
وعلى كل حال، فوظيفتك تجاه هذا البلاء هي: الصبر والتسليم لحكم الله، والرضا بجميع قضائه وقدره، قال تعالى: مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ {التغابن:11}.
قال علقمة: هو العبد تصيبه المصيبة، فيعلم أنها من عند الله، فيرضى ويسلم.
وعليك بالدعاء والتضرع إلى الله تعالى، فهو الذي يكشف الضر عن عباده، ويعفو عن السيئات.
وأما ما أصابك قبل البلوغ من البلاء، فليس عقوبة على ذنب بلا شك؛ لأن القلم لم يكن جرى عليك في هذه الحال، ولكنه لحكم أخرى يعلمها الله تعالى، قد يكون منها ما ذكرت، أو غير ذلك، فالله تعالى حكيم، لا يقدر شيئا إلا لحكمة ومصلحة.
والله أعلم.